فمن نفخ فيه الروح؟ قال الربّ ـ عزوجل ـ : أنا ، فقال موسى : يا ربّ ، السامري صنع لهم العجل فأضلّهم ، وصنعت فيه الخوار ، فأنت فتنت قومي (١). فمن ثمّ قال الله ـ عزوجل ـ (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) يعني الّذين خلّفهم مع هارون سوى السبعين ، حين أمرهم بعبادة العجل ، فلمّا نزل موسى من الجبل إلى السبعين أخبرهم بما كان ولم يخبرهم بأمر العجل ، فقال السبعون لموسى : نحن أصحابك جئنا معك ، ولم نخالفك في أمر ، ولنا عليك حقّ ، فأرنا الله جهرة ـ يعني معاينة ـ كما رأيته فقال موسى : والله ما رأيته ، ولقد أردته على ذلك فأبى وتجلّى للجبل فجعله دكّا. يعني فصار دكّا وكان أشدّ منّي وأقوى. فقالوا : إنّا لا نؤمن بك ولا نقبل ما جئت به حتّى تريناه معاينة! فلمّا قالوا ذلك أخذتهم الصاعقة ، يعني الموت عقوبة. فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ) يعني الموت نظيرها (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) يعني ميتا وكقوله ـ عزوجل ـ : (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ) يعني فمات (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) يعني السبعين (٢).
[٢ / ١٨٢٩] وقال عليّ بن إبراهيم القمّي : إنّ موسى عليهالسلام لمّا وعده الله أن ينزل عليه التوراة والألواح إلى ثلاثين يوما ، أخبر بني إسرائيل بذلك وذهب إلى الميقات وخلّف هارون على قومه ، فلمّا جاءت الثلاثون يوما ولم يرجع موسى إليهم غضبوا وأرادوا أن يقتلوا هارون ؛ قالوا : إنّ موسى كذبنا وهرب منّا ، فجاءهم إبليس في صورة شيخ وقال لهم : إنّ موسى قد هرب منكم ولا يرجع إليكم أبدا فاجمعوا إليّ حليّكم حتّى أتّخذ لكم إلها تعبدونه ، وكان للسامريّ يوم أغرق فرعون وأصحابه على مقدّمة موسى وهو من خيار من اختّصه موسى ، فنظر إلى جبرئيل عليهالسلام وهو على مركوب في صورة رمكة (٣) فكانت كلّما وضعت حافرها على موضع من الأرض تحرّك موضع حافرها ، فجعل السامريّ يأخذ التراب من تحت حافر رمكة جبرئيل عليهالسلام وكان يتحرّك فصرّه في صرّة وحفظه وكان يفتخر به على بني إسرائيل ، فلمّا اتّخذ إبليس لهم العجل قال للسامريّ : هات التراب الذي عندك ، فأتاه به ، فألقاه إبليس في جوف العجل ، فتحرّك وخار ونبت له الوبر والشعر فسجد بنو إسرائيل للعجل وكان عدد من سجد له سبعين ألفا.
__________________
(١) هذا حديث خرافة ، وليس من أدب الأنبياء أن يواجهوا الربّ تعالى بهكذا سخائف تتناسب وعقليّة القصّاصين الأغبياء.
(٢) تفسير مقاتل ١ : ١٠٤ ـ ١٠٥.
(٣) الرمكة ـ محرّكة ـ أنثى الخيل (البرذونة) تتّخذ للنسل.