______________________________________________________
المذكور مفقود. ولأن أدلة التشريع ـ التي يكون موضوعها الماهيات المخترعة ـ إنما تدل على وجوب المشروع لا غير ، وحينئذ لا يرجع إليها إلا بعد ثبوت حدود المشروع وقيوده عند الشارع. وهذا بخلاف أدلة التشريع المتعلقة بالمفاهيم العرفية ، فإن مفادها وإن كان ثبوت الحكم على المفهوم ، إلا أن الإطلاق المقامي يقتضي الرجوع إلى العرف في ثبوت الانطباق ، ولا يحتاج فيه إلى الرجوع الى الشارع فيه. فالخطاب المتعلق بالمفهوم العرفي والخطاب المتعلق بالمفهوم الشرعي وإن كانا على حد واحد في ثبوت الحكم للطبيعة ، لكن يختلفان في أن تطبيق الطبيعة وتحقيق الصغرى في الأول راجع إلى العرف ، وفي الثاني راجع الى الشرع. فالخطاب المتضمن وجوب العمرة وأنها مفروضة لا يرجع اليه إلا بعد بيان الشرع انطباقه لتحقق الصغرى ، والعرف لا مجال له. فالدليل المتضمن : أن العمرة مفروضة على من استطاع إليها ، أو الحج مفروض على من استطاع اليه ، لا يرجع اليه إلا بعد بيان المراد من الحج ومن العمرة. وكذلك الخطاب بوجوب الصلاة والصوم.
وبالجملة : بعد أن كانت العمرة عمرتين : عمرة التمتع ، وعمرة الافراد ، فان كان النائي عن مكة عمرته عمرة الافراد فاذا استطاع إليها وجبت ، وان كانت عمرته عمرة التمتع فاستطاعته إلى عمرة الافراد لا تكفي في وجوبها ولا بد فيه من استطاعته إليها ، ولا تكون إلا باستطاعته الى الحج. فاذا تردد ما هو وظيفة النائي بين العمرتين ، ولم يكن مستطيعاً لعمرة التمتع فقد شك في وجوب العمرة عليه ، والمرجع حينئذ أصل البراءة.
نعم قد يوهم صحيح يعقوب بن شعيب ـ المتقدم في أدلة وجوب العمرة ـ : أن المتمتع عليه عمرة الإفراد ، لكن عمرة التمتع تجزئ عنها