______________________________________________________
أن عدله : « وإن لم يشأ لم يخرج » ، وذلك إنما يصح فيما يجوز فعله وتركه ـ وهو التمتع ـ لا فيما لا بد من فعله أو فعل غيره ، كما في أحد أفراد الواجب ، وهو الخروج. ولعله ظاهر بأقل تأمل.
وعلى هذا يكون مقيداً لإطلاق المطلق من النصوص المستدل بها على القول الثاني ، كمرسل حريز. لو تمَّ حجة في نفسه ، ولم يقدح في دلالته وروده في العمرة المفردة ، التي لا إشكال في عدم لزوم الإحرام لها من الميقات. وأما موثق سماعة فالأمر بالخروج فيه إلى ذات عرق أو عسفان لا بد من التصرف فيه ، لعدم القائل به بالخصوص. فاما أن يحمل على أن ذكر عسفان وذات عرق من باب ذكر أحد أفراد الطبيعة المجزية. أو يحمل على أن المخاطب به كان من النائين الذين مهلهم ذات عرق أو عسفان. والثاني أقرب إلى الجمع العرفي. اللهم إلا أن يقال : عسفان ليست من المواقيت ، لأنها ـ كما قيل ـ على مرحلتين من مكة لمن قصد المدينة ، بين مكة والجحفة. لكن على ذلك تكون الموثقة مخالفة للإجماع ، فلا مجال للاعتماد عليها.
وأما خبر إسحاق بن عبد الله : « من مسيرة ليلة أو ليلتين » فإن أريد به ظاهره فمخالف للإجماع ، وإن أريد به المواقيت المختلفة بالقرب والبعد فليس فيها ما هو مسيرة ليلة على ما ذكروه. فلاحظ كلماتهم في تعيين المواقيت. مع أنه كان اللازم أن يقال : أو ثلاث أو أكثر ـ على اختلاف المواقيت في المسافة ـ ولا وجه للاقتصار على الليلة والليلتين. على أن حملها على التقسيم حينئذ ممكن ، جمعاً بينها وبين خبر إسحاق ـ كما تقدم في الموثق ـ فتكون الليلة لمن كان ميقاته على مسيرة ليلة ، والليلتان لمن كان ميقاته على مسيرة ليلتين ، ومن كان ميقاته على أكثر من ذلك كان إحرامه منه.