فما عن بعضهم من صحته ، وأن له صرفه إلى أيها شاء من حج أو عمرة [١] لا وجه له ، إذ الظاهر أنه جزء من النسك فتجب نيته كما في أجزاء سائر العبادات. وليس مثل الوضوء والغسل بالنسبة إلى الصلاة [٢]. نعم الأقوى كفاية التعيين
______________________________________________________
[١] قال في التذكرة : « والواجب في النية أن يقصد بقلبه إلى أمور أربعة : ما يحرم به من حج أو عمرة متقرباً إلى الله تعالى ، ويذكر ما يحرم له ، من تمتع ، أو قران ، أو إفراد .. ( إلى أن قال ) : ولو نوى الإحرام مطلقاً ولم يذكر لا حجاً ولا عمرة انعقد إحرامه ، وكان له صرفه إلى أيهما شاء .. ». وحكي نحوه عن المنتهى ، وقريب منه عن المبسوط والمهذب والوسيلة. وفي كشف اللثام ـ بعد أن حكى ذلك ـ قال : « ولعله الأقوى ، لأن النسكين في الحقيقة غايتان للإحرام ، غير داخلين في حقيقته ، ولا يختلف حقيقة الإحرام ـ نوعاً ولا صنفاً ـ باختلاف غاياته. فالأصل عدم وجوب التعيين ».
[٢] فان كلاً منهما مشروع لنفسه ، فيمكن أن يتعبد به لنفسه من دون نية غايته ، بخلاف الإحرام. ضرورة أنه لا يصح ولا يتعبد به بنفسه وإنما يصح ويتعبد به في ضمن غايته ، فيكون جزءاً من المأمور به. ولأجل ذلك تختلف خصوصياته باختلاف خصوصيات ما ينضم اليه ، ولا بد من قصد تلك الخصوصيات في تحقق العبادة ، كما عرفت. واستدل في التذكرة على ما ذكره : بأن الإحرام بالحج يخالف غيره من إحرام سائر العبادات لأنه لا يخرج منه بالفساد ، وإذا عقد عن غيره ـ بأجرة أو تطوعاً ـ وعليه فرضه وقع عن فرضه ، فجاز أن ينعقد مطلقاً. وإذا ثبت أنه ينعقد مطلقاً فان صرفه إلى الحج صار حجاً ، وإن صرفه إلى العمرة صار عمرة ..