(وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) وقد أكذب الله تعالى من قال ذلك في قوله (وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) وإن صح الخبر فتأويله أن اليهودي اجتهد في ذلك فلم يقدر عليه فاطلع الله تعالى نبيه على ما فعله حتى استخرج ما فعله وكان دلالة على صدق معجزة له
فصل
قوله تعالى : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ) قال المفسرون إنه لم يكن النبي ص يحسن الكتابة والقراءة والآية لا تدل على ذلك بل فيها أنه لم يكن يكتب الكتاب وقد لا يكتب من يحسنه كما لا يكتب من لا يحسنه ولو أفاد أنه لم يكن يحسن الكتابة قبل الإيحاء إليه لوجب أنه كان يحسنها بعد الإيحاء إليه ليكون فرقا بين الحالين لأن التطابق في الكلام من الفصاحة ثم إن ظاهر الآية يقتضي نفي القراءة والكتابة بما قبل النبوة لأنهم إنما يرتابون في كتابته لو كان يحسنها قبل النبوة فأما بعدها فلا تعلق له بالريبة ويجوز أن يتعلمها من جبريل بعد النبوة ويجوز أن لا يتعلم وقد شهر يوم الحديبية أنه كان لا يعرفها لأن سهيل بن عمرو قال امح هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ص فقال لعلي امحها يا علي ثم قال فضع يدي عليها وقد شهر أيضا في الصحاح والسنن والتواريخ ايتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ومنع عمر.
قوله سبحانه :
(النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ) فالأميون العرب قوله (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ) وقيل الأمي كل ما يرجع إليه يقال ينسب إلى أمة لا يحسنون الكتابة ووجه الحكمة في جعل النبوة في أمي موافقته البشارة المتقدمة في كتب الأنبياء السالفة وأنه إذا أتى أمي بحكمة يكون أبهر.
قوله سبحانه :
(وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) قال أبو محمد الكراجكي العلم بحال النبي في كونه عالما بكل معلوم وبكل لغة وكتابة إما يدرك بالعقل أو السمع فالعقلي إما أن يكون مستحيلا أو واجبا أو جائزا وليس هو من باب المستحيل ولو كانت واجبة كانت كشرائط النبوة الواجبة التي في عدمها بطلان النبوة كالصدق والعصمة والمعجز وليس كذلك وإنما