والطريق إليها إما الكتاب أو السنة المعلومة أو الإجماع أو القياس أو أخبار آحاد أو فتيا المعصومين فالكتاب لا يقوم في إفهام معانيه فناقلوها غير مضطرين إلى النقل وإذا لم يكونوا مضطرين صح من كل واحد منهم الإخلال به فإذا لا يعول عليها وأما الإجماع فإنما يكون دليلا موجبا للعلم بالحكم المجمع عليه إذا علم وجود المعصوم في جملة المجمعين الذي لو انفرد قوله لكان حجة من حيث كان الخطأ جائزا على كافة العقلاء كجوازه على آحادهم وليس في أدلة الشرع ما يقتضي ذلك على أن الكتاب والسنة المعلومة والإجماع قد خلت من معظم أحكامها على سبيل التفصيل ولا يكون جزو من ألف جزو من الشرع ولذلك فرع المخالفون في إثبات معظم الشريعة إلى القياس وأخبار الآحاد الذين قد قامت الدلالة على فساد العمل بهما وذلك أن الكل اتفقوا على أن ما يفتقر بثبوته إلى دليل إثباته كاف في القطع على انتفائه ألا ترى أنهم لما اتفقوا على نبوة من لا معجز له ونفي صلاة سادسة وصوم شهر ثان لم يفتقر في القطع على انتفاء ما ذكرناه إلى دليل فإذا صح هذه الجملة وقد كاد يئول الحال إلى سقوط تكليف العبادة أو تكليفها مع عدم الطريق إليها وكلاهما فاسد بالاتفاق ثبت أن الأمر على فتيا المعصومين ولا يتصور ذلك إلا بعد معرفتهم والاقتداء بهم فصحت إمامتهم.
قوله سبحانه :
(فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ. أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) قد ثبت أن شريعة نبينا ص مؤيدة فلا بد لها من حافظ يحفظها في كل زمان من الإضاعة والتغيير والتبديل لأنه لو جاز أن تخلى من حافظ جاز أن تخلى من مؤد فما اقتضى وجوب أدائها يقتضي وجوب حفظها ولا بد أن يكون حفاظها معصومين مثل مؤديها ليؤمن عليهم الإهمال وهذا يوجب الحافظ المعصوم في كل حال وإذا تقرر ذلك ثبت إمامة أئمتنا لأنه لم يدع العصمة لسواهم.
قوله سبحانه :
(وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) ظاهر الآية أنه يقتضي اتباع النبي والأئمة المعصومين لأنهم مؤمنون على الحقيقة ظاهرا وباطنا واتباع كل من أظهر الإسلام ليس بواجب لأنهم لا يوصف بذلك إلا مجازا فلما ثبت ذلك ثبت إمامة أئمتنا ع