فإذا رأيت «إنما» فى آخرها اسم من الناس وأشباههم ممّا يقع عليه «من» فلا تجعلنّ «ما» فيه على جهة (الذي) ؛ لأن العرب لا تكاد تجعل «ما» للناس. من ذلك : إنّما ضربت أخاك ، ولا تقل : أخوك ؛ لأن «ما» لا تكون للناس.
فإذا كان الاسم بعد «إنما» وصلتها من غير الناس جاز فيه لك الوجهان ؛ فقلت : إنّما سكنت دارك. وإن شئت : دارك.
وقد تجعل العرب «ما» فى بعض الكلام للناس ، وليس بالكثير. وفى قراءة عبد الله «والنّهار إذا تجلّى ، والذّكر والأنثى» (١) وفى قراءتنا (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) فمن جعل (ما خَلَقَ) للذكر والأنثى جاز أن يخفض (الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) كأنه قال والذي خلق : الذكر والأنثى. ومن نصب (الذَّكَرَ) جعل (ما) و (خَلَقَ) كقوله : وخلقه الذكر والأنثى ، يوقع خلق عليه. والخفض فيه على قراءة عبد الله حسن ، والنصب أكثر.
ولو رفعت (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) كان وجها. وقد قرأ بعضهم (٢) : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) ولا يجوز هاهنا إلا رفع الميتة والدم ؛ لأنك إن جعلت (إِنَّما) حرفا واحدا رفعت الميتة والدم ؛ لأنه فعل لم يسمّ فاعله ، وإن جعلت «ما» على جهة (الذي) رفعت الميتة والدم ؛ لأنه خبر ل (ما).
وقوله : (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ ...) (١٧٣)
الإهلال : ما نودى به لغير الله على الذباح [وقوله] (٣) (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) [(غير) (٤) فى هذا الموضع حال للمضطرّ ؛ كأنك قلت : فمن اضطرّ لا باغيا
__________________
(١) آية ٣ سورة الليل. فى الشواذ قراءة الحسن «والذكر والأنثى» بالكسر كما فى قراءة عبد الله. وعند الكسائي «ما خلق الذكر والأنثى» بالكسر أيضا ، فالأولى بإسقاط «وما خلق».
(٢) هو أبو جعفر. وانظر القرطبي ٢ / ٢١٦.
(٣ ، ٤) زيادة فى أ.