وقوله : (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ) إنما عنى به الرجل وامرأته الكبيرة. ضنّ الرجل بنصيبه من الشابة ، وضنّت الكبيرة بنصيبها منه (١). ثم قال : وإن رضيت بالإمرة (٢).
وقوله : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ...) (١٢٩)
إلى الشابة ، فتهجروا الكبيرة كل الهجر (فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) وهى فى قراءة أبىّ (كالمسجونة).
وقوله : (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ ...) (١٣٥)
هذا فى إقامة الشهادة على أنفسهم وعلى الوالدين والأقربين. ولا تنظروا فى غنى الغنىّ ولا فقر الفقير ؛ فإن الله أولى بذلك.
(فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى [أَنْ تَعْدِلُوا]) فرارا (٣) من إقامة الشهادة. وقد يقال : لا تتبعوا الهوى لتعدلوا ؛ كما تقول : لا تتبعنّ هواك لترضى ربك ، أي إنى أنهاك عن هذا كيما ترضى ربك. وقوله (وَإِنْ تَلْوُوا) وتلوا ، قد قرئتا جميعا (٤). ونرى الذين قالوا (تلوا) أرادوا (تلؤوا) فيهمزون الواو لانضمامها ، ثم يتركون الهمز فيتحوّل إعراب (٥) الهمز إلى اللام فتسقط الهمزة. إلا أن يكون المعنى فيها : وإن تلوا ذلك ، يريد : تتولّوه (أَوْ تُعْرِضُوا) عنه : أو تتركوه ، فهو وجه.
__________________
(١) فى ش ، ج : «منها» وهو غير مناسب للمقام.
(٢) الإمرة : الإمارة والولاية. أي رضيت بسلطان الزوج عليها إذا أعطى نصيبها ضرتها. والأقرب أن يكون هذا محرّفا عن : «بالأثرة» أي إيثار الزوج عليها ضرتها. وقوله : «وإن رضيت» شرط جوابه «فلا تميلوا».
(٣) هذا على أن (أن) فى (أن تعدلوا) فى معنى لئلا ؛ كما هو عند الكوفيين ، أو على تقدير خشية ، كما هو عند غيرهم. وأما المعنى الثاني فعلى تقدير لام الجر داخلة على (أن تعدلوا).
(٤) فالثانية قراءة ابن عامر وحمزة ، ووافقهما الأعمش. والأولى قراءة الباقين.
(٥) يريد حركتها ، وهى الضمّ.