وقوله : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) (٢٨)
لا تكاد العرب تقول : نجس إلا وقبلها رجس. فإذا أفردوها قالوا : نجس لا غير ؛ ولا يجمع ولا يؤنث. وهو مثل دنف (١). ولو أنّث هو ومثله كان صوابا ؛ كما قالوا : هى : ضيفته وضيفه ، وهى أخته سوغه (٢) وسوغته ، وزوجه وزوجته.
وقوله : (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ). قال يومئذ رجل من المسلمين : والله لا نغلب ، وكره ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان المسلمون يؤمئذ عشرة آلاف ، وقال بعض الناس : اثنى عشر ألفا ، فهزموا هزيمة شديدة.
وهو قوله : (وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) والباء هاهنا بمنزلة فى ؛ كما تقول : ضاقت عليكم الأرض فى رحبها وبرحبها. حدّثنا محمد قال حدّثنا الفرّاء ، قال : وحدّثنى المفضل عن أبى إسحاق قال قلت للبراء (٣) بن عازب : يا أبا عمارة أفررتم عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم حنين؟ قال : نعم والله حتى ما بقي معه منا إلا رجلان : أبو سفيان (٤) بن الحرث آخذا بلجامه ، والعباس بن عبد المطلب عند ركابه آخذا بثفره (٥). قال فقال لهم النبي صلىاللهعليهوسلم كما قال لهم يوم بدر : شاهت الوجوه ،
أنا النبىّ لا كذب |
|
أنا ابن عبد المطلب |
قال : فمنحنا الله أكتافهم.
__________________
(١) هو فى الأصل المرض الملازم ، ويوصف به.
(٢) أي ولدت على أثره ولم يكن بينهما ولد.
(٣) هو من فضلاء الأوس. شهد أحدا والمشاهد. ونزل الكوفة ، توفى سنة ٧١ أو ٧٢.
(٤) هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٥) المروي أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان فى هذا اليوم راكبا بغلة. فقوله : آخذا بثفره أي بثفر مركوبه. والثفر : السير فى مؤخر السرج. والذي فى سيرة ابن هشام أن الذي كان آخذا بالثفر أبو سفيان. فأما العباس فكان آخذا بحكمة البغلة. والحكمة ـ بالتحريك ـ طرفا اللجام.