أبىّ وعبد الله جميعا : (قيل له اعلم) ، واحتجّ ابن عباس فقال : أ هو خير من إبراهيم وأفقه؟ فقد قيل له : (وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) والعامّة تقرأ : أعلم أن الله وهو وجه حسن ؛ لأن المعنى كقول الرجل عند القدرة تتبين له من أمر الله : (أشهد أن لا إله إلا الله) والوجه الآخر أيضا بيّن.
وقوله (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) ضمّ الصاد العامّة. وكان أصحاب عبد الله يكسرون الصاد. وهما لغتان. فأمّا الضمّ فكثير ، وأما الكسر ففى هذيل وسليم. وأنشدنى الكسائىّ عن بعض بنى سليم :
وفرع يصير الجيد وحف كأنه |
|
على الليت قنوان الكروم الدوالح (١) |
ويفسّر معناه : قطّعهن ، ويقال : وجّههن. ولم نجد قطّعهنّ معروفة من هذين الوجهين ، ولكنى أرى ـ والله أعلم ـ أنها إن كانت من ذلك أنها من صريت تصرى ، قدّمت ياؤها كما قالوا : عثت وعثيت (٢) ، وقال الشاعر :
صرت نظرة لو صادفت جوز دارع |
|
غدا والعواصى من دم الجوف تنعر (٣) |
والعرب تقول : بات يصرى فى حوضه إذا استقى ثم قطع واستقى ؛ فلعله من ذلك. وقال الشاعر :
يقولون إن الشام يقتل أهله |
|
فمن لى إن لم آته بخلود |
تعرّب آبائي فهلّا صراهم |
|
من الموت أن لم يذهبوا وجدودى |
__________________
(١) يريد بالفرع الشعر التام. والوحف : الأسود. والليت : صفحة العنق. ويريد بقنوان الكروم عناقيد العنب ، وأصل ذلك كباسة النخل ، والدوالح : المثقلات بحملها.
(٢) يريد أنه يقال عنى أي أفسد ، وذلك لغة أهل الحجاز ، وعاث فى معناها وهى لغة التميميين ، وكأنه يرى الأولى أصل الثانية كصرى وصار.
(٣) صرت نظرة أي قطعت نظرة أي فعلت ذلك. والجوز : وسط الشيء. والعواصى جمع العاصي وهو العرق ، ويقال : نعر العرق : فار منه الدم.