بمنزلة الوحد (١) والوحد ، والفرد والفرد ، والدنف والدنف : تقوله (٢) العرب فى معنى واحد.
وقوله : (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) يقول : ضاق عليه المذهب فلم يجد إلا أن يصعد فى السماء وليس يقدر. وتقرأ (٣) كأنما يصّاعد يريد يتصاعد ، (و (يَصَّعَّدُ) (٤) مخففة.
وقوله : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ) (١٢٨)
يقول : قد أضللتم كثيرا.
وقوله : (وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ) فالاستمتاع من الإنس بالجنّ أن الرجل كان إذا فارق (٥) فاستوحش أو قتل صيدا من صيدهم فخاف قال : أعوذ بسيّد هذا الوادي ، فيبيت آمنا فى نفسه. وأما استمتاع الجنّ بالإنس فما نالوا بهم من تعظيم الإنس إيّاهم ، فكان الجنّ (٦) يقولون : سدنا الجنّ والإنس.
وقوله : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) (١٣٠)
فيقول القائل : إنما الرسل من الإنس خاصة ، فكيف قال للجنّ والإنس (منكم)؟ قيل : هذا كقوله : (مَرَجَ (٧) الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ). ثم قال : (يَخْرُجُ (٨) مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) وإنما يخرج اللؤلؤ والمرجان من الملح دون العذب. فكأنك قلت : يخرج من بعضهما ، ومن أحدهما.
__________________
(١) فى ش ، ج : «الواحد».
(٢) كذا فى ج. وفى ش : «تقول».
(٣) وهى قراءة أبى بكر والنخعي.
(٤) هى قراءة ابن كثير. ووافقه ابن محيصن.
(٥) كأنه يريد : فارق حيه أو رفقته.
(٦) أي سادتهم وكبراؤهم الذين يستعاذ بهم.
(٧) آية ١٩ سورة الرحمن.
(٨) آية ٢٢ سورة الرحمن.