وقوله : (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) (٣٦)
جاء التفسير : فى الاثني عشر. وجاء (فيهن) : فى الأشهر الحرم ؛ وهو أشبه بالصواب ـ والله أعلم ـ ليتبين بالنهى فيها عظم حرمتها ؛ كما قال : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ) (١) ثم قال : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) فعظّمت ، ولم يرخص فى غيرها بترك المحافظة. ويدلّك على أنه للأربعة ـ والله أعلم ـ قوله : (فيهن) ولم يقل (فيها). وكذلك كلام العرب لما بين الثلاثة إلى العشرة تقول : لثلاث ليال خلون ، وثلاثة أيام خلون إلى العشرة ، فإذا جزت العشرة قالوا : خلت ، ومضت. ويقولون لما بين الثلاثة إلى العشرة (هنّ) و (هؤلاء) فإذا جزت العشرة قالوا (هى ، وهذه) إرادة أن تعرف سمة القليل من الكثير. ويجوز فى كل واحد ما جاز فى صاحبه ؛ أنشدنى أبو القمقام الفقعسىّ :
أصبحن فى قرح وفى دارتها |
|
سبع ليال غير معلوفاتها (٢) |
ولم يقل : معلوفاتهن وهى سبع ، وكل ذلك صواب ، إلا أن المؤثر ما فسّرت لك. ومثله : (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ) (٣) فذكّر الفعل لقلّة النسوة ووقوع (هؤلاء) عليهن كما يقع على الرجال. ومنه قوله : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) (٤) ولم يقل : انسلخت ، وكلّ صواب. وقال الله تبارك وتعالى : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ) (٥) لقلّتهن ولم يقل (تلك) ولو قيلت كان صوابا.
__________________
(١) آية ٢٣٨ سورة البقرة.
(٢) قرح : سوق وادي القرى ، وهو واد بين المدينة والشام. وقوله : «أصبحن» فى اللسان (قرح) : «حبسن».
(٣) آية ٣٠ سورة يوسف.
(٤) آية ٥ سورة التوبة.
(٥) آية ٣٦ سورة الإسراء.