وقوله (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) ، يقول : ضاقت صدورهم عن قتالكم أو قتال قومهم. فذلك معنى قوله (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) أي ضاقت صدورهم. وقد قرأ الحسن «حصرة صدورهم» ، والعرب تقول : أتانى ذهب عقله ، يريدون قد ذهب عقله. وسمع الكسائىّ بعضهم يقول : فأصبحت نظرت إلى ذات التنانير (١). فإذا رأيت فعل بعد كان ففيها قد مضمرة (٢) ، إلا أن يكون مع كان جحد فلا تضمر فيها (قد مع جحد) (٣) لأنها توكيد والجحد لا يؤكّد ؛ ألا ترى أنك تقول : ما ذهبت ، ولا يجوز ما قد ذهبت.
وقوله : (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ) (٩١)
معناه : أن يأمنوا فيكم ويأمنوا فى قومهم. فهؤلاء بمنزلة الذين ذكرناهم فى أن قتالهم حلال إذا لم يرجعوا.
وقوله : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) (٩٢)
مرفوع على قولك : فعليه تحرير رقبة. والمؤمنة : المصلّية المدركة. فإن (٤) لم يقل : رقبة مؤمنة ، أجزأت الصغيرة التي لم تصلّ ولم تبلغ.
وقوله : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) كان الرجل يسلم فى قومه وهم كفّار فيكتم إسلامه ، فمن قتل وهو غير معلوم إسلامه من هؤلاء أعتق قاتله رقبة ولم تدفع ديته إلى الكفار فيقووا بها على أهل الإسلام. وذلك إذا (٥) لم
__________________
(١) ذات التنانير : عقبة بحذاء زبالة.
(٢) انظر ص ٢٤ من هذا الجزء.
(٣) زيادة فى ش ، ج.
(٤) كذا فى ش. وفى أ ، ج : «فإذا».
(٥) كذا فى أ. وفى ش ، ج : «أنه».