فى قوله (١)] : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٢) ؛ [وإنما حذفوها من «بسم الله الرحمن الرحيم» أول السور والكتب] (٣) لأنها وقعت فى موضع معروف لا يجهل القارئ معناه ، ولا يحتاج إلى قراءته ، فاستخفّ طرحها ؛ لأن من شأن العرب الإيجاز وتقليل الكثير إذا عرف معناه. وأثبتت فى قوله : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ) لأنها لا تلزم هذا الاسم ، ولا تكثر معه ككثرتها مع الله تبارك وتعالى. ألا ترى أنك تقول : «بسم الله» عند ابتداء كلّ فعل تأخذ فيه : من مأكل أو مشرب أو ذبيحة. فخفّ عليهم الحذف لمعرفتهم به.
وقد رأيت بعض الكتّاب تدعوه معرفته بهذا الموضع إلى أن يحذف الألف والسين من «اسم» لمعرفته بذلك ، ولعلمه بأن القارئ لا يحتاج إلى علم ذلك. فلا تحذفنّ ألف «اسم» إذا أضفته إلى غير الله تبارك وتعالى ، ولا تحذفنّها مع غير الباء من الصفات (٤) ؛ وإن كانت تلك الصفة حرفا واحدا ، مثل اللام والكاف. فتقول : لاسم الله حلاوة فى القلوب ، وليس اسم كاسم الله ؛ فتثبت الألف فى اللام وفى الكاف ؛ لأنهما لم يستعملا كما استعملت الباء فى اسم الله. ومما كثر فى كلام العرب فحذفوا منه أكثر من ذا قولهم : أيش عندك ؛ فحذفوا إعراب (٥) «أىّ» وإحدى ياءيه ، وحذفت الهمزة من «شىء» ، وكسرت الشين وكانت مفتوحة ؛ فى كثير من الكلام لا أحصيه.
فإن قال قائل : إنما حذفنا الألف من «بسم الله» لأن الباء لا يسكت عليها ، فيجوز ابتداء الاسم بعدها. قيل له : فقد كتبت العرب فى المصاحف (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً) (٦) بالألف ؛ والواو لا يسكت عليها ؛ فى كثير من أشباهه. فهذا يبطل (٧) ما ادّعى.
__________________
(١) ما بين المربعين ساقط من ج ، ش. والذي فيهما : «بخلاف قوله «فسبح ...» إلخ.
(٢) آخر سورة الحاقة ، وآية ٧٤ من الواقعة.
(٣) مابين المربعين فى أ.
(٤) الصفة عند الكوفيين حرف الجرّ والظرف.
(٥) يريد بإعراب الحرف حركته.
(٦) آية ٣٢ سورة الكهف ، و ١٣ سورة يس.
(٧) فى ش : «تبطيل» ويبدو أنه تصحيف عما أثبتناه.