وقوله : (إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) (٥٠)
إن شئت جعلت (ماذا) استفهاما محضا على جهة التعجّب ؛ كقوله : ويلهم ماذا أرادوا باستعجال العذاب؟! وإن شئت عظّمت أمر العذاب فقلت : بماذا استعجلوا! وموضعه رفع إذا جعلت الهاء راجعة عليه ، وإن جعلت الهاء فى (منه) للعذاب وجعلته (١) فى موضع نصب أوقعت عليه الاستعجال.
وقوله : (آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) (٥١)
(الآن) حرف بنى على الألف واللام لم تخلع (٢) منه ، وترك على مذهب الصفة ؛ لأنه صفة فى المعنى واللفظ ؛ كما رأيتهم فعلوا فى (الذي) و (الذين) فتركوهما على مذهب الأداة ، والألف واللام لهما غير مفارقتين. ومثله قول الشاعر :
فإن الألاء يعلمونك منهم |
|
كعلمى مظّنّوك ما دمت أشعرا (٣) |
فأدخل الألف واللام على (ألاء) ثم تركها مخفوضة فى موضع النصب ؛ كما كانت قبل أن تدخلها الألف واللام. ومثله قوله :
وأنى حبست اليوم والأمس قبله |
|
ببابك حتى كادت الشمس تغرب (٤) |
__________________
(١) حذف جواب (إن) على عادته ، أي لجاز. وقد يكون الجواب : «أوقعت». وربما كان الأصل «جعلته» دون واو ، وهو الجواب. وقوله : «أوقعت» تفسير وتعليل له.
(٢) فى اللسان (أين) : «يخلعا».
(٣) «كعلمى» فى ا : «كعلم».
(٤) من قصيدة لنصيب يخاطب فيها عبد العزيز بن مروان وكان وفد عليه فى مصر فحجب عنه. وقبله :
ألا هل أتى الصقر ابن مروان أننى |
|
أرد لدى الأبواب عنه وأحجب |
وقوله : «وأنى حبست اليوم» فالأقرب فتح «أن» عطفا على «أننى» فى البيت قبله. ويصح الرفع على الاستئناف.