وقوله : (وَأَرِنا مَناسِكَنا ...) (١٢٨)
وفى قراءة عبد الله : «وأرناهم مناسكهم» ذهب إلى الذّرّيّة. (وَأَرِنا) ضمّهم إلى نفسه ، فصاروا كالمتكلّمين عن أنفسهم ؛ يدلّك على ذلك قوله : (وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً) رجع إلى الذّرّيّة خاصّة.
وقوله : (إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ...) (١٣٠)
العرب توقع سفه على (نفسه) وهى معرفة. وكذلك قوله : (بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) (١) وهى من المعرفة كالنكرة ، لأنه مفسّر ، والمفسّر فى أكثر الكلام نكرة ؛ كقولك : ضقت به ذرعا ، وقوله : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) (٢) فالفعل للذّرع ؛ لأنك تقول : ضاق ذرعى به ، فلمّا جعلت الضيق مسندا إليك فقلت : ضقت جاء الذّرع مفسرا لأن الضيق فيه ؛ كما تقول : هو أوسعكم دارا. دخلت الدار لتدلّ على أن السعة فيها لا فى الرّجل ؛ وكذلك قولهم : قد وجعت بطنك ، ووثقت رأيك ـ أو ـ وفقت ، [قال أبو عبد الله (٣) : أكثر ظنّى وثقت بالثاء] (٤) إنما الفعل للأمر ، فلمّا أسند الفعل إلى الرجل صلح النصب فيما عاد بذكره على التفسير ؛ ولذلك لا يجوز تقديمه ، فلا يقال : رأيه سفه زيد ، كما لا يجوز دارا أنت أوسعهم ؛ لأنه وإن كان معرفة فإنه فى تأويل نكرة ، ويصيبه النصب فى موضع نصب النكرة ولا يجاوزه.
__________________
(١) آية ٥٨ سورة القصص.
(٢) آية ٤ سورة النساء.
(٣) هو محمد بن الجهم السمري مستملى الفراء وراوى الكتاب عنه.
(٤) ما بين الخطين ساقط من ج ، ش ـ هذا ـ وجاء فى اللسان مادة «وفق» : «وفق أمره يفق قال الكسائي يقال رشدت أمرك ووفقت رأيك ، ومعنى وفق أمره وجده موافقا ، وقال اللحيائى : وفقه وفهمه».