(إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ ...) (١٧٥)
يقول : يخوّفكم بأوليائه «فلا تخافوهم» ومثل ذلك قوله : (لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) (١) معناه : لينذركم يوم التلاق. وقوله : (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً) (٢) المعنى : لينذركم بأسا شديدا ؛ البأس لا ينذر ، وإنما ينذر به.
وقوله : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ...) (١٧٨)
ومن قرأ «ولا تحسبن» قال «إنما» وقد قرأها بعضهم «ولا تحسبن الذين كفرا أنما» بالتاء والفتح على التكرير : لا تحسبنهم لا تحسبن أنما نملى لهم ، وهو كقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ) (٣) على التكرير : هل ينظرون إلا أن تأتيهم.
وقوله : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ ...) (١٧٩)
قال المشركون للنبىّ صلىاللهعليهوسلم : مالك تزعم أن الرجل منا فى النار ، فإذا صبأ إليك وأسلم قلت : هو فى الجنة ، فأعلمنا من ذا يأتيك منّا قبل أن يأتيك حتّى نعرفهم ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ) على ما تقولون أيها المشركون (حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) ثم قال : لم يكن الله ليعلمكم ذلك فيطلعكم على غيبه.
وقوله : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ ...) (١٨٠)
[يقال (٤) : إنما (هُوَ) هاهنا عماد ، فأين اسم هذا العماد؟ قيل : هو مضمر ، معناه : فلا يحسبن الباخلون البخل هو خيرا لهم] فاكتفى بذكر يبخلون من البخل ؛
__________________
(١) آية ١٥ سورة غافر.
(٢) آية ٢ سورة الكهف.
(٣) آية ١٨ سورة محمد.
(٤) سقط فى ش.