وأما الأفعال التي جعلت أخبارا للناس فقول الشاعر :
لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللحى |
|
ولكنما الفتيان كلّ فتى ندى |
فجعل «أن» خبرا للفتيان.
وقوله : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ) (من) فى موضع رفع ، وما بعدها صلة لها ، حتى ينتهى إلى قوله (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ) فتردّ (الْمُوفُونَ) على (مَنْ) و (الْمُوفُونَ) من صفة (مَنْ) كأنه : من آمن ومن فعل وأوفى. ونصبت (الصَّابِرِينَ) ؛ لأنها من صفة (مَنْ) وإنما نصبت لأنها من صفة اسم واحد ، فكأنه ذهب به إلى المدح ؛ والعرب تعترض من صفات الواحد إذا تطاولت بالمدح أو الذمّ ، فيرفعون إذا كان الاسم رفعا ، وينصبون بعض المدح ، فكأنهم ينوون إخراج المنصوب بمدح مجدّد غير متبع لأوّل الكلام ؛ من ذلك قول الشاعر (١) :
لا يبعدن قومى الذين هم |
|
سمّ العداة وآفة الجزر |
النازلين بكلّ معترك |
|
والطيّبين معاقد الأزر |
وربما رفعوا (النازلون) و (الطيبون) ، وربما نصبوهما على المدح ، والرفع على أن يتبع آخر الكلام أوّله. وقال بعض الشعراء :
إلى الملك القرم وابن الهمام |
|
وليث الكتيبة فى المزدحم |
وذا الرأى حين تغمّ الأمور |
|
بذات الصليل وذات اللّجم (٢) |
__________________
(١) أي الشخص الشاعر ، وهى الخرنق ترثى زوجها ومن قتل معه. وانظر الخزانة ٢ / ٣٠١ ، وأمالى ابن الشجري ١ / ٣٤٤
(٢) ورد هذا الشعر فى الخزانة ١ / ٢١٦ ، والإنصاف ١٩٥ غير منسوب. و (تغم الأمور) : تلتبس وتبهم ولا يهتدى فيها لوجه الصواب ، وذات الصليل : الكتيبة يسمع فيها صليل السيوف ، وذات اللجم : الكتيبة أيضا فيها الخيل بلجمها ، والقرم : السيد المعظم.