ابتدأ الكلام بعد النصفين ففسّره. وأراد : بعض شامت وبعض غير شامت. والنصب فيهما جائز ، يردّهما على النصفين. وقال الآخر :
حتى إذا ما استقلّ النجم فى غلس |
|
وغودر البقل ملوىّ ومحصود (١) |
ففسر بعض البقل كذا ، وبعضه كذا. والنصب جائز.
وكل فعل أوقعته على أسماء لها أفاعيل ينصب على الحال الذي (٢) ليس بشرط ففيه الرفع على الابتداء ، والنصب على الاتصال بما قبله ؛ من ذلك : رأيت القوم قائما وقاعدا ، وقائم وقاعد ؛ لأنك نويت بالنصب القطع ، والاستئناف فى القطع (٣) حسن. وهو أيضا فيما ينصب بالفعل جائز ؛ فتقول : أظنّ القوم قياما وقعودا ، وقيام وقعود ، وكان (٤) القوم بتلك المنزلة. وكذلك رأيت القوم فى الدار قياما وقعودا ، وقيام وقعود ، وقائما وقاعدا ، وقائم وقاعد ؛ فتفسّره بالواحد والجمع ؛ قال الشاعر :
وكتيبة شعواء ذات أشلّة |
|
فيها الفوارس حاسر ومقنّع (٥) |
فإذا نصبت على الحال لم يجز أن تفسّر الجمع بالاثنين ، ولكن تجمع فتقول : فيها القوم قياما وقعودا.
__________________
(١) استقل النجم : ارتفع ؛ وقد غلب النجم فى الثريا. والغلس : ظلام آخر الليل. والملوي : اليابس الذابل ؛ وإن كان الوارد ألوى ، والوصف ملو.
(٢) سيذكر ما خرج بهذا ، وهو الحال الذي هو شرط فيجب فيه النصب ، نحو أكرم الجيش ظافرا وقاهرا لأعدائه ، لأن المعنى على الشرط ؛ أي أكرمه إن ظفر وقهر الأعداء ، فإذا قلت : رأيت الجيش راكبين وراجلين جاز الرفع والنصب لأن الحال ليس بشرط.
(٣) يريد بالقطع أن الوصف ليس شرطا وقيدا فى الفعل قبله.
(٤) كذا. وقد يكون الأصل : «أي كان».
(٥) «شعواء» : كثيرة متفرقة ، من قولهم : شجرة شعواء : منتشرة الأغصان. و «أشلة» جمع شليل وهو الغلالة تلبس فوق الدرع ، أو هو الدرع القصيرة تكون تحت الكبيرة. والحاسر : من لا مغفر له ولا درع. والمقنع هو المغطى بالسلاح.