فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (١) وأنت قائل إذا سمعت رجلا يحدث : [حقّا أي] (٢) قلت حقا ، والحقّ ، أي ذلك الحقّ. وأمّا قوله فى ص : (قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) (٣) فإن الفرّاء قد رفعت الأوّل ونصبته. وروى عن مجاهد وابن عباس أنهما رفعا الأوّل وقالا تفسيره : الحقّ منى ، وأقول الحق ؛ فينصبان الثاني ب «أقول». ونصبهما جميعا كثير منهم ؛ فجعلوا الأوّل على معنى : والحقّ (٤) (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) وينصب الثاني بوقوع القول عليه. وقوله (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ) (٥) رفعه حمزة والكسائىّ ، وجعلا الحق هو الله تبارك وتعالى ؛ لأنها فى حرف عبد الله «ذلك عيسى ابن مريم قال الله» كقولك : كلمة الله ، فيجعلون (قال) بمنزلة القول ؛ كما قالوا : العاب والعيب. وقد نصبه قوم يريدون : ذلك عيسى بن مريم قولا حقّا.
وقوله : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ ...) (٢٣٧)
تماسّوهن وتمسّوهن واحد ، وهو الجماع ؛ المماسّة والمسّ.
وإنما قال (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) بالنون لأنه فعل النسوة ، وفعل النسوة بالنون فى كل حال. يقال : هنّ يضربن ، ولم يضربن ، ولن يضربن ؛ لأنك لو أسقطت النون منهن للنصب أو الجزم لم يستبن لهنّ تأنيث. وإنّما قالت العرب «لن يعفوا» للقوم ، و «لن يعفوا» للرجلين لأنهم زادوا للاثنين فى الفعل ألفا ونونا ، فإذا أسقطوا نون الاثنين للجزم أو للنصب دلّت الألف على الاثنين. وكذلك واو يفعلون تدلّ على الجمع إذا أسقطت النون جزما أو نصبا.
(أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) وهو الزوج.
__________________
(١) آية ١٤٧ سورة البقرة.
(٢) زيادة اقتضاها السياق خلت منها الأصول.
(٣) آية ٨٤.
(٤) ونصبه على طرح الخافض على نية القسم أي بالحق.
(٥) آية ٣٤ سورة مريم.