وقوله : (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ) (٥)
ولم يقل : وقدّرهما. فإن شئت جعلت تقدير المنازل للقمر خاصّة لأنّ به تعلم الشهور. وإن شئت جعلت التقدير لهما جميعا ، فاكتفى بذكر أحدهما من صاحبه كما قال الشاعر (١) :
رمانى بأمر كنت منه ووالدي |
|
بريئا ومن جول الطوىّ رمانى |
وهو مثل قوله (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) (٢) ولم يقل : أن يرضوهما.
وقوله : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ) (١١)
يقول : لو أجيب الناس فى دعاء أحدهم على ابنه وشيهه بقولهم : أماتك الله ، ولعنك الله ، وأخزاك الله لهلكوا. و (استعجالهم) منصوب بوقوع الفعل : (يعجل) ؛ كما تقول : قد ضربت اليوم ضربتك ، والمعنى : ضربت كضربتك ، وليس المعنى هاهنا كقولك : ضربت ضربا ؛ لأن ضربا لا تضمر الكاف فيه ؛ لأنك لم تشبهه بشىء ، وإنما شبهت ضربك بضرب غيرك فحسنت فيه الكاف.
وقوله (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) ويقرأ : (لقضى إليهم أجلهم) (٣). ومثله (فَيُمْسِكُ) (٤) (الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) و (قضى عليها الموت).
__________________
(١) هو ابن أحمر ، أو هو الأزرق بن طرفة كما قال ابن برىّ. والطوىّ : البئر ، وجولها : جدارها. وقوله : من جول الطوىّ رمانى مثل. يريد أن ما رمانى به يعود قبحه عليه ، فإن من كان فى البئر ورمى بشىء من جدارها عاد عليه ما رمى به إذ ينجذب إلى أسفل. ويروى : «ومن أجل الطوى» وهو الصحيح ؛ لأن الشاعر كان بينه وبين خصمه منازعة فى بئر. وانظر اللسان فى جال.
(٢) آية ٦٢ سورة التوبة.
(٣) وهى قراءة ابن عامر ويعقوب. وما قبله قراءة الباقين.
(٤) آية ٤٢ سورة الزمر. وقد قرأ بالبناء للمفعول حمزة والكسائي وخلف ، وقرأ الباقون بالبناء للفاعل ونصب الموت.