فأوقعته على أىّ قلت اضرب أيّهم يقوم ؛ قال بعض العرب (١) : فأيّهم ما أخذها ركب على أيهم يريد. ومنه قول الشاعر (٢) :
فإنى لآتيكم تشكّر ما مضى |
|
من الأمر واستيجاب ما كان فى غد |
لأنه لا يجوز لو لم يكن جزاء أن تقول : كان فى غد ؛ لأن (كان) إنما خلقت للماضى إلّا فى الجزاء فإنها تصلح للمستقبل. كأنه قال : استيجاب أىّ شىء كان فى غد.
ومثل (٣) إن فى الجزاء فى انصرافها عن الكسر إلى الفتح إذا أصابها رافع قول العرب : (قلت إنك قائم) فإنّ مكسورة بعد القول فى كل تصرّفه. فإذا وضعت مكان القول شيئا فى معناه مما قد يحدث خفضا أو رفعا أو نصبا فتحت أنّ ، فقلت : ناديت أنك قائم ، ودعوت ، وصحت وهتفت. وذلك أنك تقول : ناديت زيدا ، ودعوت زيدا ، وناديت (٤) بزيد ، (وهتفت بزيد) (٥) فتجد هذه الحروف تنفرد (٦) بزيد وحده ؛ والقول لا يصلح فيه أن تقول : قلت زيدا ، ولا قلت بزيد. فنفذت الحكاية فى القول ولم تنفذ فى النداء ؛ لاكتفائه بالأسماء. إلا أن يضطرّ شاعر إلى كسر إنّ فى النداء وأشباهه ، فيجوز له ؛ كقوله : (٧)
إنى سأبدى لك فيما أبدى |
|
لى شجنان شجن بنجد |
وشجن لى ببلاد الهند
__________________
(١) فى اللسان (أىّ) : «أيهم ما أدرك يركب على أيهم يريد».
(٢) هو الطرماح بن حكيم الطائىّ. وقبله :
من كان لا يأتيك إلا لحاجة |
|
يروح بها فيما يروح ويغتدى |
وانظر الديوان ١٤٦
(٣) كذا فى ش. وفى ح : «مثله».
(٤) كذا. وقد يكون : «صحت».
(٥) زيادة فى ش.
(٦) أي لا تحتاج إلى شىء وراءه ، بخلاف القول ، فلا تقول : قلت زيدا ، وتسكت.
(٧) انظر فى هذا الرجز ص ٨٠ من هذا الجزء.