وقوله : (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ ...) (١٠٢)
القرّاء يقرءون (الْمَلَكَيْنِ) من الملائكة. وكان ابن عباس يقول : (الْمَلَكَيْنِ) من الملوك.
وقوله : (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ ...) (١٠٢)
أما السّحر فمن عمل الشياطين ، فيتعلمون من الملكين كلاما إذا قيل أخذ (١) به الرجل عن امرأته. ثم قال : ومن قول الملكين إذا تعلّم منهما ذلك : لا تكفر. (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ، فَيَتَعَلَّمُونَ) ليست بجواب لقوله : (وَما يُعَلِّمانِ) إنما هى مردودة على قوله : (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) فيتعلّمون ما يضرهم ولا ينفعهم ؛ فهذا وجه. ويكون (فَيَتَعَلَّمُونَ) متصلة بقوله : (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ) فيأبون فيتعلّمون ما يضرّهم ، وكأنه أجود الوجهين فى العربية (٢). والله أعلم.
وقوله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها ...) (١٠٦)
أو ننسئها ـ (أَوْ نُنْسِها) عامة القرّاء يجعلونه من النسيان ، وفى قراءة عبد الله : / «ما ننسك من آية أو ننسخها نجىء بمثلها أو خير منها» وفى قراءة سالم مولى أبى حذيفة : «ما ننسخ من آية أو ننسكها» ، فهذا يقوّى النّسيان. والنّسخ أن يعمل بالآية ثم تنزل الأخرى فيعمل بها وتترك الأولى. والنّسيان هاهنا على وجهين : أحدهما ـ على الترك ؛ نتركها فلا ننسخها كما قال الله جل ذكره : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) (٣) يريد تركوه فتركهم. والوجه الآخر ـ من النّسيان الذي
__________________
(١) أخذ (بتشديد الخاء) : حبس ومنع. وقد أخذت الساحرة الرجل تأخيذا.
(٢) لعل الوجه الأوّل هو ما أشار إليه المؤلف أوّلا ، وهو عطف «فيتعلمون» على موضع «ما يعلمان» وقد أجازه بعضهم ؛ لأن قوله : «وما يعلمان» وإن دخلت عليه ما النافية فمضمنه الإيجاب فى التعليم. وهناك أعاريب أخرى.
(٣) آية ٦٧ سورة التوبة.