اختلفا فى اللفظ أنهما مختلفان فى المعنى. ومثله فى قراءة عبد الله وذلك (١) الدين القيّمة وفى قراءتنا (دِينُ الْقَيِّمَةِ) والقيّم والقيّمة بمنزلة قولك : رجل راوية وهّابة للأموال ؛ ووهّاب وراو ، وشبهه.
وقوله : (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) (٣٣)
قرأها العامّة بالتشديد. قال : حدّثنا الفراء قال حدّثنى قيس بن الربيع الأسدىّ عن أبى إسحاق السبيعىّ (٢) عن ناجية (٣) بن كعب عن علىّ أنه قرأ (٤) (يُكَذِّبُونَكَ) مخفّفة. ومعنى التخفيف ـ والله أعلم ـ : لا يجعلونك كذّابا ، وإنما يريدون أن ما جئت به باطل ؛ لأنهم لم يجرّبوا عليه صلىاللهعليهوسلم كذبا فيكذّبوه وإنما أكذبوه (٥) ؛ أي ما جئت به كذب لا نعرفه. والتكذيب (٦) : أن يقال : كذبت. والله أعلم.
وقوله : (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ ...) (٣٥)
فافعل (٧) ، مضمرة ، بذلك. جاء التفسير ، وذلك معناه. وإنما تفعله العرب فى كل موضع يعرف فيه معنى الجواب ؛ ألا ترى أنك تقول للرجل : إن استطعت أن تتصدق ، إن رأيت أن تقوم معنا ، بترك الجواب ؛ لمعرفتك بمعرفته به (٨). فإذا جاء
__________________
(١) آية ٥ سورة البينة.
(٢) هو عمرو بن عبد الله الهمدانىّ الكوفىّ. توفى سنة ١٢٧ ه.
(٣) صحابىّ جليل. توفى فى أيام معاوية.
(٤) وهى قراءة نافع والكسائىّ.
(٥) كذا فى ج. وهو يوافق عبارة اللسان. وفى ش : «يكذبوه».
(٦) حاصل هذا أن التكذيب : النسبة إلى الكذب. والإكذاب للرجل أن يجد كلامه باطلا ، وإن لم يكن القائل كاذبا فيه عارفا بكذبه.
(٧) هذا جواب الشرط المحذوف.
(٨) ثبت فى ج ، وسقط فى ش.