ولا عاديا] فهو له حلال. والنصب هاهنا بمنزلة قوله (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) (١) ومثله (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) (٢) و (غَيْرِ) هاهنا لا (٣) ؛ تصلح (لا) فى موضعها ؛ لأنّ (لا) تصلح فى موضع غير. وإذا رأيت (غَيْرَ) يصلح (لا) فى موضعها فهى مخالفة (لِغَيْرِ) التي لا تصلح (لا) فى موضعها.
ولا تحلّ الميتة للمضطرّ إذا عدا على الناس بسيفه ، أو كان فى سبيل من سبل المعاصي. ويقال : إنه لا ينبغى لآكلها أن يشبع منها ، ولا أن يتزوّد منها شيئا. إنما رخّص له فيما يمسك نفسه.
وقوله : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ...) (١٧٥)
فيه وجهان : أحدهما معناه : فما الذي صبّرهم على النار؟. والوجه الآخر : فما أجرأهم على النار! قال الكسائىّ : سألنى قاضى اليمن وهو بمكّة ، فقال : اختصم إلىّ رجلان من العرب ، فحلف أحدهما على حقّ صاحبه ، فقال له : ما أصبرك على الله! وفى هذه أن يراد بها : ما أصبرك على عذاب الله ، ثم تلقى العذاب فيكون كلاما ؛ كما تقول : ما أشبه سخاءك بحاتم.
وقوله : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ...) (١٧٧)
إن شئت رفعت (الْبِرَّ) وجعلت (أَنْ تُوَلُّوا) فى موضع نصب. وإن شئت نصبته وجعلت (أَنْ تُوَلُّوا) فى موضع رفع ؛ كما قال : (فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ) (٤)
__________________
(١) آية ١ سورة المائدة.
(٢) آية ٥٣ سورة الأحزاب.
(٣) كذا فى الأصول.
فإن صح هذا فالمعنى أن (غيرا) هنا تساوى فى المعنى (لا) كما قدر قبل ، وقوله : «تصلح لا ...» تفسير لهذا. وأقرب من هذا أن تكون (لا) زيدت فى النسخ.
(٤) آية ١٧ سورة الحشر.