فإنهم ينصبون فى هذين لقلتهما (١) ، [فيقولون : بي أخواك ، ولى ألفان ، لقلتهما (٢)] والقياس فيهما وفيما قبلهما واحد.
وقوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً ...) (٤١)
وكل ما كان فى القرآن من هذا قد نصب فيه الثّمن وأدخلت الباء فى المبيع أو المشترى ، فإن ذلك أكثر ما يأتى فى الشيئين لا يكونان ثمنا معلوما مثل الدنانير والدراهم ؛ فمن ذلك : اشتريت ثوبا بكساء ؛ أيّهما شئت تجعله ثمنا لصاحبه ؛ لأنه ليس من الأثمان ، وما كان ليس من الأثمان مثل الرقيق والدّور وجميع العروض فهو على هذا. فإن جئت إلى الدراهم والدنانير وضعت الباء فى الثّمن ، كما قال فى سورة يوسف : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) (٣) ؛ لأن الدراهم ثمن أبدا ، والباء إنما تدخل فى الأثمان ، فذلك قوله : (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) (٤) ، (اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) (٥) ، [اشتروا الضلالة بالهدى (٦)](وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ) (٧) ، فأدخل الباء فى أىّ هذين شئت حتى تصير إلى الدنانير والدراهم فإنك تدخل الباء فيهن مع العروض ، فإذا اشتريت أحدهما [يعنى الدنانير والدراهم] (٨) بصاحبه أدخلت الباء فى أيّهما شئت ؛ لأن كل واحد منهما فى هذا الموضع بيع (٩) وثمن ، فإن أحببت أن تعرف فرق ما بين العروض وبين الدراهم ، فإنك تعلم أن من اشترى عبدا بألف درهم معلومة ، ثم وجد به عيبا فردّه لم يكن له على البائع (١٠) أن يأخذ ألفه بعينه ، ولكن ألفا. ولو اشترى عبدا بجارية ثم وجد به عيبا لم يرجع بجارية أخرى مثلها ، فذلك دليل على أن العروض ليست بأثمان.
__________________
(١) أي لقلة (لى) و (بي) فكلاهما حرفان ، فلو سكنت الياء خفيت فتبدو الكلمتان كأنهما حرف واحد.
(٢) ما بين المربعين ساقط من أ.
(٣) آية ٢٠ من السورة المذكورة.
(٤) آية ٩ سورة التوبة.
(٥) الآية ٨٦ من البقرة.
(٦) زيادة خلت منها الأصول.
(٧) الآية ١٧٥ من البقرة.
(٨) ساقط من أ.
(٩) يراد بالبيع المبيع.
(١٠) فى الأصول «المشترى» والتصويب وجد بهامش نسخة (أ).