وإنما اختير الجمع على التثنية لأن أكثر ما تكون عليه الجوارح اثنين فى الإنسان : اليدين والرجلين والعينين. فلما جرى (١) أكثره على هذا ذهب بالواحد منه إذا أضيف إلى اثنين مذهب التثنية. وقد يجوز تثنيتهما ؛ قال أبو ذؤيب :
فتخالسا نفسيهما بنوافذ |
|
كنوافذ العبط التي لا ترقع (٢) |
وقد يجوز هذا فيما ليس من خلق الإنسان. وذلك أن تقول للرجلين : خليّتما نساءكما ، وأنت تريد امرأتين ، وخرقتما قمصكما.
وإنما ذكرت ذلك لأن من النحويين من كان لا يجيزه إلّا فى خلق الإنسان ، وكلّ سواء. وقد يجوز أن تقول فى الكلام : السارق والسارقة فاقطعوا يمينهما (٣) ؛ لأن المعنى : اليمين من كل واحد منهما ؛ كما قال الشاعر :
كلوا فى نصف بطنكم تعيشوا |
|
فإنّ زمانكم زمن خميص (٤) |
__________________
(١) يريد أن الجوارح لما كثر فيها التثنية غلبت هذه الجوارح على المفردة ، فدخلت الأخيرة فى باب الأولى. فإذا أضيف اثنان من المفردة الى اثنين فكأنما أضفت أربعة ، فجمع اللفظ لذلك.
(٢) هذا من عينيته المشهورة التي يرثى بها بنيه. وهى فى المفصليات. وهو فى وصف فارسين يتنازلان. و «تخالسا نفسيهما» : رام كل منهما اختلاس نفس صاحبه وابتهاز الفرصة فيه. والنوافذ : الطعنات النافذة. والعبط : جمع العبيط ، وهو ما يشق ، من العبط أي الشق. وفى أمالى ابن الشجري ١ / ١٢ : «أراد : بطعنات نوافذ. والعبط جمع العبيط ، وهو البعير الذي ينحر لغير داء». وانظر شرح المفضّليات لابن الأنبارى ٨٨٣ ، وديوان الهذليين (الدار) ١ / ٢٠
(٣) كذا فى ج. وفى ش : «يدهما».
(٤) ويروى :
كلوا فى بعض بطنكم تعفوا
والخميص : الجائع طوى بطنه على غير زاد. وانظر الكتاب ١ / ١٠٨ ، والخزانة ٣ / ٣٧٩.