وقوله : (النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ ...) (٢٤)
الناس وقودها والحجارة وقودها. وزعموا أنه كبريت يحمى ، وأنه أشدّ الحجارة حرّا إذا أحميت. ثم قال : (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) يعنى النار (١).
وقوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) اشتبه عليهم ، فيما ذكر فى لونه (٢) ، فإذا ذاقوه عرفوا أنه غير الذي كان قبله.
وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها ...) (٢٦)
فإن قال قائل : أين الكلام الذي هذا جوابه ، فإنا لا نراه فى سورة البقرة؟ فذكر لنا (٣) أن اليهود لما قال الله : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) (٤) قال أعداء الله : وما هذا من الأمثال؟ وقالوا مثل ذلك عند إنزاله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً) ـ إلى قوله ـ (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (٥) لذكر الذباب والعنكبوت ؛ فأنزل الله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها). فالذى (فَوْقَها) يريد أكبر منها ، وهو العنكبوت والذباب. ولو جعلت فى مثله من الكلام (فَما فَوْقَها) تريد أصغر منها لجاز ذلك. ولست أستحسنه (٦) ؛ لأن البعوضة كأنها غاية فى الصغر ، فأحبّ إلىّ أن أجعل (فَما فَوْقَها) أكبر
__________________
(١) فى ج ، ش : «وأنه أشدّ الحجارة حرا يحمى ، فهى أشدّ الحجارة حرا إذا أحميت. «وأتوا به متشابها».
(٢) فى ج ، ش : «اشتبه عليهم ، يريد على أهل الجنة فى لونه».
(٣) فى ج ، ش : «فى سورة البقرة أن اليهود». وهذا جواب السؤال السابق.
(٤) آية ٤١ سورة العنكبوت.
(٥) آية ٧٣ سورة الحج.
(٦) فى ج ، ش : «أستحبه».