للأسماء ؛ فتقول : مررت بأخيك الذي قام ، ولا تقول : مررت بأخيك من قام. فلمّا لم تكن نعتا لغيرها من المعرفة لم تكن المعرفة نعتا لها ؛ كقول الشاعر (١) :
لسنا كمن جعلت إياد دارها |
|
تكريت تنظر حبّها أن تحصدا |
إنما أراد تكرير الكاف على إياد ؛ كأنه قال : لسنا كإياد.
وقوله : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) (٢٥) نصبت المواطن لأن كلّ جمع كانت فيه ألف قبلها حرفان وبعدها حرفان فهو لا يجرى (٢) ؛ مثل صوامع ، ومساجد ، وقناديل ، وتماثيل ، ومحاريب. وهذه الياء بعد الألف لا يعتدّ بها ؛ لأنها قد تدخل فيما ليست هى منه ، وتخرج ممّا هى منه ، فلم يعتدّوا بها ؛ (٣) إذ لم تثبت كما ثبت غيرها. وإنما منعهم من إجرائه أنه مثال لم يأت عليه شىء من الأسماء المفردة ، وأنه غاية للجماع ؛ إذا انتهى الجماع إليه فينبغى له ألّا يجمع. فذلك أيضا منعه من الانصراف ؛ ألا ترى أنك لا تقول : دراهمات ، ولا دنانيرات ، ولا مساجدات. وربّما اضطرّ إليه الشاعر فجمعه. وليس يوجد فى الكلام ما يجوز فى الشعر. قال الشاعر :
فهنّ يجمعن حدائداتها (٤)
فهذا من المرفوض إلا فى الشعر.
ونعت (المواطن) إذا لم يكن معتلّا جرى. فلذلك قال : (كثيرة).
__________________
(١) هو الأعشى. وإياد قبيلة كبيرة من معدّ كانوا نزلوا العراق واشتغلوا بالزرع. وتكريت : بلدة بين بغداد والموصل. وقوله : «تحصدا» المعروف : يحصدا. والحب جنس للحبة يصح تذكيره وتأنيثه. وانظر الخصائص (الدار) ج ٢ ص ٤٠٢.
(٢) إجراء الاسم عند الكوفيين صرفه وتنوينه ، وعدم إجرائه منع صرفه.
(٣) فى ا : «إذا».
(٤) فى القرطبي :
فهنّ يعلكن حدائداتها
ونسبه فى اللسان (حدد) إلى الأحمر. وهو فى وصف الخيل.