مكان أىّ من الذي أو ألفا ولا ما نصبت بما يقع عليه ؛ كما قال الله تبارك : (فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) (١) وجاز ذلك لأن فى «الذي» وفى الألف واللام تأويل من وأىّ ؛ إذ كانا فى معنى انفصال من الفعل.
فإذا وضعت مكانهما اسما لا فعل فيه لم يحتمل هذا المعنى. فلا يجوز أن تقول : قد سألت فعلمت عبد الله ، إلا أن تريد علمت ما هو. ولو جعلت مع عبد الله اسما فيه دلالة على أىّ جاز ذلك ؛ كقولك : إنما سألت لأعلم عبد الله من زيد ، أي لأعرف ذا من ذا. وقول الله تبارك وتعالى : (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ) (٢) يكون : لم تعلموا مكانهم ، ويكون لم تعلموا ما هم أكفار أم مسلمون. والله أعلم بتأويله.
وقوله : (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ...) (١٤١)
يريد : يمحّص الله الذنوب عن الذين آمنوا ، (وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) : ينقصهم ويفنيهم.
وقوله : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (١٤٢) خفض الحسن «ويعلم الصابرين» يريد الجزم. والقرّاء بعد تنصبه. وهو الذي يسمّيه النحويّون الصرف ؛ كقولك : «لم آته وأكرمه إلا استخفّ بي» والصرف أن يجتمع الفعلان بالواو أو ثم أو الفاء أو أو ، وفى أوّله جحد أو استفهام ، ثم ترى ذلك الجحد أو الاستفهام ممتنعا أن يكّر فى العطف ، فذلك الصرف. ويجوز فيه الإتباع ؛ لأنه نسق فى اللفظ ؛ وينصب ؛ إذ كان ممتنعا أن يحدث فيهما ما أحدث
__________________
(١) آية ٣ سورة العنكبوت.
(٢) آية ٤٥ سورة الفتح.