قالوا : كل ، وخذ ، فلم يهمزوا فى الأمر ، وهمزوه فى النهى وما سواه. وقد تهمزه العرب. فأمّا فى القرآن فقد جاء بترك الهمز. وكان حمزة الزّيات يهمز الأمر إذا كانت فيه الفاء أو الواو ؛ مثل قوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها) (١) ومثل قوله : (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ) (٢) ولست أشتهى ذلك ؛ لأنها لو كانت مهموزة لكتبت فيها الألف كما كتبوها فى قوله (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً) (٣) ، (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً) (٤) بالألف.
وقوله : (كَمْ آتَيْناهُمْ ...) (٢١١)
معناه : جئناهم به [من آية] (٥). والعرب تقول : أتيتك بآية ، فإذا ألقوا الباء قالوا : آتيتك آية ؛ كما جاء فى الكهف (آتِنا غَداءَنا) (٦) والمعنى : ايتنا بغدائنا.
وقوله : (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا ...) (٢١٢)
ولم يقل «زينت» وذلك جائز ، وإنّما ذكّر الفعل والاسم مؤنث ؛ لأنه مشتقّ من فعل فى مذهب مصدر. فمن أنّث أخرج الكلام على اللفظ ، ومن ذكّر ذهب إلى تذكير المصدر. ومثله (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى) (٧) و (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) (٨) ، (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) (٩) على ما فسّرت لك. فأمّا فى الأسماء الموضوعة فلا تكاد العرب تذكّر فعل مؤنّث إلا فى الشعر لضرورته.
__________________
(١) آية ٨٢ سورة يوسف.
(٢) آية ٩٤ سورة يونس.
(٣) آية ٧٧ سورة طه.
(٤) آية ١٣ سورة يس.
(٥) زيادة فى أ.
(٦) آية ٦٢ سورة الكهف.
(٧) آية ٢٧٥ سورة البقرة.
(٨) آية ١٠٤ سورة الأنعام.
(٩) آية ٦٧ سورة هود.