ماضيا ؛ فإن جئت بيكون مع عسى وكاد صلح ذلك فقلت : عسى أن يكون قد ذهب ؛ كما قال الله : (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) (١).
وقوله : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) يعنى نطفا (٢) ، وكل ما فارق الجسد من شعر أو نطفة فهو ميتة ؛ والله أعلم. يقول : فأحياكم من النّطف ، ثم يميتكم بعد الحياة ، ثم يحييكم للبعث.
وقوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ ...) (٢٩) الاستواء فى كلام العرب على جهتين : إحداهما أن يستوى الرجل [و] (٣) ينتهى شبابه ، أو يستوى عن اعوجاج ، فهذان وجهان. ووجه ثالث أن تقول : كان مقبلا على فلان ثم استوى علىّ يشاتمنى وإلىّ سواء (٤) ، على معنى أقبل إلى وعلىّ ؛ فهذا معنى قوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) والله أعلم. وقال (٥) ابن عباس : ثم استوى إلى السماء : صعد ، وهذا كقولك للرجل : كان قائما فاستوى قاعدا ، وكان قاعدا فاستوى قائما. وكلّ فى كلام العرب جائز.
فأما قوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَ) فإن السماء فى معنى جمع ، فقال (فَسَوَّاهُنَّ) للمعنى المعروف أنهنّ سبع سموات. وكذلك الأرض يقع عليها ـ وهى واحدة ـ الجمع. ويقع عليهما التوحيد وهما مجموعتان ، قال الله عزوجل : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٦). ثم قال : (وَما بَيْنَهُما) ولم يقل بينهن ، فهذا دليل على ما (قلت (٧) لك).
__________________
(١) آية ٧٢ سورة النمل.
(٢) فى ش : «يعنى النطف».
(٣) فى الأصول «أو» بدل الواو.
(٤) فى ج ، ش : «استوى علىّ وإلىّ يشاتمنى» وكذا فى اللسان.
(٥) فى أ : «وقد قال».
(٦) آية ٥ سورة والصافات.
(٧) فى أ : (أخبرتك).