وقوله : (مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) (١٢)
يقول : استمرّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه البلاء.
وقوله : (قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ) (١٦) وقد ذكر عن الحسن أنه قال : «ولا أدرأتكم به» فإن يكن فيها لغة سوى دريت وأدريت فلعلّ الحسن ذهب إليها. وأمّا أن تصلح من دريت أو أدريت فلا ؛ لأن الياء والواو إذا انفتح ما قبلهما وسكنتا صحّتا ولم تنقلبا إلى ألف ؛ مثل قضيت ودعوت. ولعل الحسن ذهب إلى طبيعته وفصاحته فهمزها ؛ لأنها تضارع درأت الحدّ وشبهه. وربما غلطت العرب فى الحرف إذا ضارعه آخر من الهمز فيهمزون غير المهموز ؛ سمعت امرأة من طيئ تقول : رثأت زوجى بأبيات. ويقولون لبّأت بالحج وحلّأت السويق فيغلطون ؛ لأن حلّأت قد يقال فى دفع العطاش من الإبل ، ولّبأت ذهب إلى اللبأ (١) الذي يؤكل ، ورثأت زوجى ذهبت إلى رثيئة اللبن ؛ وذلك إذا حلبت الحليب على الرائب.
وقوله : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ) (٢١)
العرب تجعل (إذا) تكفى من فعلت وفعلوا. وهذا الموضع من ذلك : اكتفى ب (إذا) من (فعلوا) ولو قيل (من بعد ضراء مستهم مكروا) كان صوابا. وهو فى الكلام والقرآن كثير. وتقول : خرجت فإذا أنا بزيد. وكذلك يفعلون ب (إذ) ؛ كقول الشاعر (٢) :
بينما هنّ بالأراك معا |
|
إذ أتى راكب على جمله |
__________________
(١) هو أول اللبن عند الولادة.
(٢) هو جميل بن معمر العذرىّ. وقوله : «بينماهن» فى رواية الخزانة ٤ / ١٩٩ : «بينما نحن».