وقوله : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) (٤)
يعنى أولياء النساء لا الأزواج : وذلك أنهم كانوا فى الجاهلية لا يعطون النساء من مهورهن شيئا ، فأنزل الله تعالى : أعطوهن صدقاتهن نحلة ، يقول : هبة وعطية.
وقوله : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً). ولم يقل طبن. وذلك (١) أن المعنى ـ والله أعلم ـ : فإن طابت أنفسهن لكم عن شىء. فنقل الفعل من الأنفس إليهن فخرجت النفس مفسّرة ؛ كما قالوا : أنت حسن وجها ، والفعل فى الأصل للوجه ، فلمّا حوّل إلى صاحب الوجه خرج الوجه مفسّرا لموقع الفعل. ولذلك وحّد النفس. ولو جمعت لكان صوابا ؛ ومثله ضاق به ذراعى (٢) ، ثم تحول الفعل من الذراع إليك : فتقول (٣) قررت به عينا. قال الله تبارك وتعالى : (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً) (٤). وقال : (سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) (٥) ؛ وقال الشاعر (٦) :
إذا التّيّاز ذو العضلات قلنا |
|
إليك إليك ضاق بها ذراعا (٧) |
وإنما قيل : ذرعا وذراعا لأن المصدر والاسم فى هذا الموضع يدلّان على معنى واحد ، فلذلك كفى المصدر من الاسم.
وقوله : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ ...) (٥) السفهاء : النساء والصبيان (الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) يقول التي بها تقومون قواما وقياما. وقرأ نافع المدني (قيما) والمعنى ـ والله أعلم ـ واحد.
__________________
(١) أي دون «نفسا».
(٢) كذا فى ح. وفى ش : «ذرعى».
(٣) يبدو أن هذا مرتب على كلام سقط فى النسخ. والأصل : «وتقول : قرت عينك ، ثم نحول الفعل».
(٤) آية ٢٦ سورة مريم.
(٥) آية ٧٧ سورة هود.
(٦) هو القطامي.
(٧) هذا فى أبيات يصف بكرة أحسن القيام عليها حتى قويت وعزت على القوى أن يركيها. والتياز الرجل القوى. وانظر اللسان (تيز).