فلم تدخل اللام إلا لأن معناها إنّ.
وهى فيما وصلت به من أوّلها بمنزلة قول الشاعر :
لهنّك من عبسيّة لوسيمة |
|
على هنوات كاذب من يقولها (١) |
وصل (إنّ) هاهنا بلام وهاء ؛ كما وصلها ثمّ بلام وكاف. والحرف قد يوصل (٢) من أوّله وآخره. فمما وصل من أوله (هذا) ، و (ها ذاك) ، وصل ب (ها) من أوّله. ومما وصل من آخره. قوله : (إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ) (٣) ، وقوله : لتذهبن ولتجلسن. وصل من آخره بنون وب (ما). ونرى أن قول العرب : كم مالك ، أنها (ما) وصلت من أولها بكاف ، ثم إن الكلام كثر ب (كم) حتى حذفت الألف من آخرها فسكنت ميمها ؛ كما قالوا : لم قلت ذاك؟ ومعناه : لم قلت ذاك ، ولما (٤) قلت ذاك؟ قال الشاعر :
يا أبا الأسود لم أسلمتنى |
|
لهموم طارقات وذكر |
وقال بعض العرب فى كلامه وقيل له : منذكم قعد فلان؟ فقال : كمذ أخذت فى حديثك ، فردّه الكاف فى (مذ) يدلّ على أن الكاف فى (كم) زائدة. وإنهم ليقولون : كيف أصبحت ، فيقول : كالخير ، وكخير. وقيل لبعضهم : كيف تصنعون الأقط؟ فقال : كهيّن.
وقوله : (فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ) (٤٦)
(ثم) هاهنا عطف. ولو قيل : ثمّ الله شهيد على ما يفعلون. يريد : هنالك الله شهيد على ما يفعلون (٥).
__________________
(١) عبسية يريد امرأة من بنى عبس. والهنوات جمع هنة وهى ما يقبح التصريح به ، يريد الفعلات القبيحة. وانظر الخزانة ٤ / ٣٢٦.
(٢) فى ش ، ج : «يوصل بها».
(٣) آية ٩٣ سورة المؤمنون.
(٤) تراه أثبت ألف ما مع الجارّ ، وبعض النحويين يمنعه.
(٥) حذف جواب لو على عادته ، أي لجاز.