وقوله (مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ) منصوب خارجا (١) من القدر ؛ لأنه نكرة والقدر معرفة. وإن شئت كان خارجا (٢) من قوله (مَتِّعُوهُنَّ) متاعا ومتعة.
فأمّا (حَقًّا) فإنه نصب من نيّة (٣) الخبر لا أنه من نعت المتاع. وهو كقولك فى الكلام : عبد الله فى الدار حقّا. إنما نصب الحق من نيّة كلام المخبر ؛ كأنه قال : أخبركم خبرا حقا ، وبذلك حقا ؛ وقبيح أن تجعله تابعا للمعرفات أو للنكرات ؛ لأن الحق والباطل لا يكونان فى أنفس الأسماء ؛ إنما يأتى بالأخبار (٤). من ذلك أن تقول : لى عليك المال حقّا ، وقبيح أن تقول : لى عليك المال الحق ، أو : لى عليك مال حقّ ، إلا أن تذهب به إلى أنه حقّ لى عليك ، فتخرجه مخرج المال لا على مذهب الخبر.
وكل ما كان فى القرآن مما فيه من نكرات الحق أو معرفته أو ما كان فى معنى الحق فوجه الكلام فيه النصب ؛ مثل قوله (وَعْدَ الْحَقِّ) (٥) و (وَعْدَ الصِّدْقِ) (٦) ومثل قوله (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا) (٧) هذا على تفسير الأوّل. وأمّا قوله (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ) (٨) فالنصب فى الحقّ جائز ؛ يريد حقّا ، أي أخبركم أن ذلك حقّ. وإن شئت خفضت الحقّ ، تجعله من صفة الله تبارك وتعالى. وإن شئت رفعته فتجعله من صفة الولاية. وكذلك قوله (وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ) (٩) تجعله من صفة الله عزوجل. ولو نصبت كان صوابا ، ولو رفع على نيّة الاستئناف كان صوابا ؛ كما قال (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ
__________________
(١) يريد أنه حال من «قدره».
(٢) يريد أنه مفعول مطلق.
(٣) يوافق هذا قولهم : إنه مفعول مطلق مؤكد للجملة السابقة.
(٤) كذا فى ش. وفى ج : «بأخبار».
(٥) آية ٢٢ سورة إبراهيم.
(٦) آية ١٦ سورة الأحقاف.
(٧) آية ٤ سورة يونس.
(٨) آية ٤٤ سورة الكهف.
(٩) آية ٣٠ سورة يونس.