فقال : سودا ولم يقل : سود (١) وهى من نعت الاثنتين والأربعين ؛ للعلة التي أخبرتك بها. وقد قرأ بعض القرّاء (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا) ويقال إنه مجاهد فقط.
وقوله : (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ...) (٢١٣) ففيها معنيان ؛ أحدهما أن تجعل اختلافهم كفر بعضهم بكتاب بعض (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) للإيمان بما أنزل كلّه وهو حقّ. والوجه الآخر أن تذهب باختلافهم إلى التبديل كما بدّلت التوراة. ثم قال (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) به للحق مما اختلفوا فيه. وجاز (٢) أن تكون اللام فى الاختلاف ومن فى (٣) الحق كما قال الله تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ) والمعنى ـ والله أعلم ـ كمثل المنعوق به ؛ لأنه وصفهم فقال تبارك وتعالى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) كمثل البهائم ، وقال الشاعر (٤) :
كانت فريضة ما تقول كما |
|
كان الزناء فريضة الرجم |
وإنما الرجم فريضة الزناء ، وقال :
إن سراجا لكريم مفخره |
|
تحلى به العين إذا ما تجهره |
__________________
(١) وقد روى هذا فى البيت أي رفع سود.
(٢) يريد أن الأصل فى تأليف الآية : فهدى الله الذين آمنوا مما اختلفوا فيه للحق ، فجعل كل الحرفين من واللام فى مكان صاحبه ، على طريقة القلب المكانىّ. وقد أبان أن هذا منهج مألوف فى القرآن وكلام العرب.
(٣) سقط هذا الحرف (فى) فى أ.
(٤) انظر ص ٩٩ من هذا الجزء لهذا البيت وما بعده.