(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) (١) فى موضع خفض على قوله : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) : ومن المشركين ، ولو كانت رفعا كان صوابا ؛ تردّ على الذين كفروا.
وقوله : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ ...) (١٠٨)
(أَمْ) (فى المعنى) (٢) تكون ردّا على الاستفهام على جهتين ؛ إحداهما : أن تفرّق (٣) معنى «أى» ، والأخرى أن يستفهم بها. فتكون (٤) على جهة النسق ، والذي ينوى بها الابتداء إلّا أنه ابتداء متّصل بكلام. فلو ابتدأت كلاما ليس قبله كلام ، ثم استفهمت لم يكن إلّا بالألف أو بهل ؛ ومن ذلك قول الله : (الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ. أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) (٥) ، فجاءت (أَمْ) وليس قبلها استفهام ، فهذا دليل على أنها استفهام مبتدأ على كلام قد سبقه. وأمّا قوله : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ) فإن شئت جعلته على مثل هذا ، وإن شئت قلت : قبله استفهام فردّ عليه ؛ وهو قول الله : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). وكذلك قوله : (ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) (٦) فإن شئت جعلته استفهاما مبتدأ قد سبقه كلام ، وإن شئت جعلته مردودا على قوله : (ما لَنا لا نَرى رِجالاً) وقد قرأ بعض
__________________
(١) آية ١ سورة البينة.
(٢) سقط فى أ.
(٣) فى الطبري : «تعرّف».
(٤) هذا إيضاح لجهتى (أم). فهى فى الجهة الأولى أداة نسق ، وفى الجهة الثانية ليست أداة نسق بل ينوى بها الابتداء على ما وصف.
(٥) آية ٣ سورة السجدة.
(٦) آية ٦٢ ، ٦٣ سورة ص.