القرّاء : (أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) يستفهم فى (أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) بقطع الألف لينسّق عليه (أَمْ) لأن أكثر ما تجىء مع الألف ؛ وكلّ صواب. ومثله : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) ثم قال : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا) والتفسير فيهما واحد. وربّما جعلت العرب (أَمْ) إذا سبقها استفهام لا تصلح أىّ فيه على جهة بل ؛ فيقولون : هل لك قبلنا حق أم أنت رجل معروف بالظّلم. يريدون : بل أنت رجل معروف بالظّلم ؛ وقال الشاعر :
فو الله ما أدرى أسلمى تغوّلت (١) |
|
أم النّوم أم كلّ إلىّ حبيب |
معناه [بل كلّ إلىّ حبيب] (٢).
وكذلك تفعل العرب فى «أو» فيجعلونها نسقا مفرّقة لمعنى ما صلحت فيه «أحد» ، و «إحدى» كقولك : اضرب أحدهما زيدا أو عمرا ، فإذا وقعت فى كلام لا يراد به أحد وإن صلحت جعلوها على جهة بل ؛ كقولك فى الكلام : اذهب إلى فلان أو دع ذلك فلا تبرح اليوم. فقد دلّك هذا على أن الرجل قد رجع عن أمره الأوّل وجعل «أو» فى معنى «بل» ؛ ومنه قول الله : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) وأنشدنى بعض العرب (٣) :
بدت مثل قرن الشّمس فى رونق الضّحى |
|
وصورتها أو أنت فى العين أملح (٤) |
يريد : بل أنت.
__________________
(١) تغوّلت المرأة : تلونت.
(٢) الزيادة من تفسير الطبري.
(٣) آية ١٤٧ سورة والصافات.
(٤) قرن الشمس : أعلاها. «وصورتها» بالجرّ عطف على قرن. وأملح : من ملح الشيء (بالضم) ملاحة أي بهج وحسن منظره. والبيت نسبه ابن جنى فى المحتسب إلى ذى الرمة ، ولم نجده فى ديوانه.