وقوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ ...) (٢٠) المعنى (١) ـ والله أعلم ـ : ولو شاء الله لأذهب سمعهم. ومن شأن العرب أن تقول (٢) : أذهبت بصره ؛ بالألف إذا أسقطوا الباء. فإذا أظهروا الباء أسقطوا الألف من «أذهبت». وقد قرأ بعض القرّاء : (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) (٣) بضمّ الياء والباء فى الكلام. وقرأ بعضهم : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) (٤). فترى ـ والله أعلم ـ أن الذين ضمّوا على معنى الألف شبّهوا دخول الباء وخروجها من هذين الحرفين بقولهم : خذ بالخطام ، وخذ الخطام ، وتعلّقت بزيد ، وتعلّقت زيدا. فهو (٥) كثير فى الكلام والشعر ، ولست أستحبّ ذلك (٦) لقلّته ، ومنه (٧) قوله : (آتِنا غَداءَنا) (٨) المعنى ـ والله أعلم ـ ايتنا بغدائنا ؛ فلما أسقطت الباء زادوا ألفا فى فعلت ، ومنه قوله عزوجل : (قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) (٩) المعنى ـ فيما جاء (١٠) ـ ايتوني بقطر أفرغ عليه ، ومنه قوله : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) (١١) المعنى ـ والله أعلم ـ فجاء بها المخاض إلى جذع النخلة.
وقوله : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ...) (٢٣)
الهاء كناية عن القرآن ؛ فأتوا بسورة من مثل القرآن. (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ) يريد آلهتكم. يقول : استغيثوا بهم ؛ وهو كقولك للرجل : إذا لقيت العدوّ خاليا فادع المسلمين. ومعناه : فاستغث واستعن (١٢) بالمسلمين.
__________________
(١) فى ش ، ج : «ومعناه».
(٢) فى ش ، ج : «أن يقولوا».
(٣) آية ٤٣ سورة النور. وهذه قراءة أبى جعفر.
(٤) آية ٢٠ سورة المؤمنون. وهذه قراءة ابن كثير وأبى عمرو.
(٥) يريد المشبه به من قولهم : خذ بالخطام وما بعده.
(٦) يريد الجمع بين صيغة الإفعال والباء.
وهو المشبه.
(٧) رجوع لأصل الكلام فى قوله : «ومن شأن العرب ...».
(٨) آية ٦٢ سورة الكهف.
(٩) آية ٩٦ سورة الكهف.
(١٠) «فيما جاء» : ساقط من ج ، ش.
(١١) آية ٢٣ سورة مريم.
(١٢) «واستعن» : ساقطة من ج ، ش.