فيقولون : أين أنت؟ فيقول القائل : هأنذا ، ولا يكادون يقولون : هذا أنا ، وكذلك التثنية والجمع ، ومنه (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ) وربما أعادوا (ها) فوصلوها بذا وهذان وهؤلاء ؛ فيقولون : ها أنت هذا ، وها أنتم هؤلاء ، وقال الله تبارك وتعالى فى النساء : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ) (١).
فإذا كان الكلام على غير تقريب أو كان مع اسم ظاهر جعلوا (ها) موصولة بذا ، فيقولون : هذا هو ، وهذان هما ، إذا كان على خبر يكتفى كلّ واحد بصاحبه بلا فعل ، والتقريب لا بدّ فيه من فعل لنقصانه ، وأحبوا أن يفرقوا بذلك بين معنى التقريب وبين معنى الاسم الصحيح.
وقوله : (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) (١٢٠)
إن شئت جعلت جزما وإن كانت مرفوعة ، تكون كقولك للرجل : مدّ يا هذا ، ولو نصبتها أو خفضتها كان صوابا ؛ لأن من العرب من يقول مدّ يا هذا ، والنصب فى العربية أهيؤها (٢) ، وإن شئت جعلته رفعا وجعلت (لا) على مذهب ليس فرفعت وأنت مضمر للفاء ؛ كما قال الشاعر (٣) :
فإن كان لا يرضيك حتى تردّنى |
|
إلى قطرىّ لا إخالك راضيا |
وقد قرأ بعض القراء «لا يضركم» تجعله من الضير ، وزعم الكسائي أنه سمع بعض أهل العالية يقول : لا ينفعنى ذلك وما يضورنى ، فلو قرئت «لا يضركم» على هذه اللغة كان صوابا.
__________________
(١) آية ١٠٩
(٢) أي أحسنها ، وهو اسم تفضيل لقولهم : هيىء للحسن فى كل شىء. وأصله حسن الهيئة.
(٣) هو سوّار بن المضرب السعدي التميمىّ. وكان هرب من الحجاج لما عزم عليه فى محاربة الخوارج وزعيمهم قطرىّ بن الفجاءة. وموطن الشاهد : «لا إخالك» إذ جاء مرفوعا مع وقوعه فى جواب إن.