وقوله : (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ). وذكر أن رجلا دخل فى النصارى وكان خبيثا منكرا فلبّس عليهم ، وقال : هو هو. وقال : هو ابنه ، وقال : هو ثالث ثلاثة. فقال الله تبارك وتعالى فى قولهم ثالث ثلاثة : (يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا) فى قولهم : اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى.
وقوله : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) (٣١)
قال : لم يعبدوهم ، ولكن أطاعوهم فكانت كالربوبية.
وقوله : (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) (٣٢)
دخلت (إلّا) لأن فى أبيت طرفا من الجحد ؛ ألا ترى أن (أبيت) كقولك : لم أفعل ، ولا أفعل ، فكأنه بمنزلة قولك : ما ذهب إلا زيد. ولو لا الجحد إذا ظهر أو أتى الفعل محتملا لضميره (١) لم تجز دخول إلّا ؛ كما أنك لا تقول : ضربت إلا أخاك ، ولا ذهب إلا أخوك. وكذلك قال الشاعر (٢) :
وهل لى أمّ غيرها إن تركتها |
|
أبى الله إلا أن أكون لها ابنما |
وقال الآخر :
إيادا وأنمارها الغالبين |
|
إلّا صدودا وإلا ازورارا |
أراد : غلبوا إلا صدودا وإلا ازورارا ، وقال الآخر :
واعتلّ إلا كل فرع معرق |
|
مثلك لا يعرف بالتلهوق (٣) |
__________________
(١) أي لمعناه. فكأن أبى ونحوه متضمن لمعنى لا فهو محتمل لهذا الحرف المضمر.
(٢) هو المتلمس. والبيت من قصيدة له يرد فيها على من عيره أمه ، مطلعها :
تعيرنى أمي رجال ولا أرى |
|
أخا كرم إلا بأن يتكرما |
وهى فى مختارات ابن الشجري.
(٣) التلهوق : التملق. ويقال أيضا للتكلف.