وقوله : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) فى موضع جزم وإن فرق بين الجازم والمجزوم ب (أحد). وذلك سهل فى (إن) خاصّة دون حروف الجزاء ؛ لأنها شرط وليست باسم ، ولها عودة إلى الفتح فتلقى الاسم والفعل وتدور فى الكلام فلا تعمل ، فلم يحفلوا أن يفرقوا بينها وبين المجزوم بالمرفوع والمنصوب. فأما المنصوب فمثل قولك : إن أخاك ضربت ظلمت. والمرفوع مثل قوله : (إِنِ) (١) (امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) ولو حوّلت (هلك) إلى (إن يهلك) لجزمته ، وقال الشاعر (٢) :
فان أنت تفعل فللفاعلي |
|
ن أنت المجيزين تلك الغمارا |
ومن فرق بين الجزاء وما جزم بمرفوع أو منصوب لم يفرق بين جواب الجزاء وبين ما ينصب بتقدمة المنصوب أو المرفوع ؛ تقول : إن عبد الله يقم يقم أبوه ، ولا يجوز أبوه يقم ، ولا أن تجعل مكان الأب منصوبا بجواب الجزاء. فخطأ أن تقول : إن تأتنى زيدا تضرب. وكان الكسائىّ يجيز تقدمة النصب فى جواب الجزاء ، ولا يجوّز تقدمة المرفوع ، ويحتجّ بأن الفعل إذا كان للأول عاد فى الفعل راجع ذكر الأول ، فلم يستقم إلغاء الأوّل. وأجازه فى النصب ؛ لأن المنصوب لم يعد ذكره فيما نصبه ، فقال : كأن المنصوب لم يكن فى الكلام. وليس ذلك كما قال ؛ لأن الجزاء له جواب بالفاء. فإن لم يستقبل بالفاء استقبل بجزم مثله ولم يلق باسم ،
__________________
(١). ١٧٦ سورة النساء.
(٢) هو الكميت بن زيد من قصيدته فى مدح أبان بن الوليد بن عبد الملك بن مروان. يقول : إن تفعل هذه المكارم فأنت منسوب للفاعلين الأجواد. والغمار جمع الغمرة وهى الشدة. و «المجيزين» وصف من أجاز بمعنى جاز.