وقوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ) (٩٤)
قاله تبارك وتعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم وهو يعلم أنه غير شاكّ ، ولم يشكك عليهالسلام فلم يسأل. ومثله فى العربية أنك تقول لغلامك الذي لا يشكّ فى ملكك إياه : إن كنت عبدى فاسمع وأطع. وقال الله تبارك وتعالى لنبيه عيسى صلىاللهعليهوسلم (أَأَنْتَ) (١) (قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) وهو يعلم أنه لم يقله ، فقال الموفّق معتذرا بأحسن العذر : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ).
وقوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها) (٩٨)
وهى فى قراءة أبىّ (فهلّا) ومعناها : أنهم لم يؤمنوا ، ثم استثنى قوم يونس بالنصب على الانقطاع مما قبله : ألا ترى أن ما بعد (إلّا) فى الجحد يتبع ما قبلها ، فتقول : ما قام أحد إلا أبوك ، وهل قام أحد إلا أبوك ؛ لأن الأب من الأحد ؛ فإذا قلت : ما فيها أحد إلا كلبا وحمارا ، نصبت ؛ لأنها منقطعة ممّا قبل إلا ؛ إذ لم تكن من جنسه ، كذلك كان قوم يونس منقطعين من قوم غيره من الأنبياء. ولو كان الاستثناء هاهنا وقع على طائفة منهم لكان رفعا. وقد يجوز الرفع فيها ؛ كما أن المختلف فى الجنس قد يتبع فيه ما بعد إلا ما قبل إلا ؛ كما قال الشاعر :
وبلد ليس به أنيس |
|
إلا اليعافير وإلا العيس |
__________________
(١) آية ١١٦ سورة المائدة.