وقوله : (كَمْ لَبِثْتَ) وقد جرى الكلام بالإدغام للثاء ؛ لقيت التاء وهى مجزومة (١). وفى قراءة عبد الله (اتّختّم العجل) (٢) (وإنى عتّ بربي وربكم) (٣) فأدغمت الذال أيضا عند التاء. وذلك أنهما متناسبتان فى قرب المخرج ، والثاء والذال مخرجهما ثقيل ، فأنزل الإدغام بهما لثقلهما ؛ ألا ترى أن مخرجهما من طرف اللسان. وكذلك الظاء تشاركهن فى الثقل. فما أتاك من هذه الثلاثة الأحرف فأدغم. وليس تركك الإدغام بخطأ ، إنما هو استثقال. والطاء والدال يدغمان عند التاء أيضا إذا أسكنتا ؛ كقوله : (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ) (٤) تخرج الطاء فى اللفظ تاء ، وهو أقرب إلى التاء من الأحرف الأول ، تجد ذلك إذا امتحنت مخرجيهما.
وقوله : (لَمْ يَتَسَنَّهْ) جاء التفسير : لم يتغير [بمرور السنين عليه (٥) ، مأخوذ من السنة] ، وتكون الهاء من أصله [من (٦) قولك : بعته مسانهة ، تثبت وصلا ووقفا. ومن وصله بغير هاء جعله من المساناة ؛ لأن لام سنة تعتقب عليها الهاء والواو] ، وتكون زائدة صلة بمنزلة قوله (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) (٧) فمن جعل الهاء زائدة جعل فعّلت (٨) منه تسنيت ؛ ألا ترى أنك تجمع السنة سنوات فيكون تفعّلت على صحة ، ومن قال فى [تصغير] (٩) السنة سنينة وإن كان ذلك قليلا جاز أن يكون تسنيت تفعّلت أبدلت النون بالياء لمّا كثرت النونات ، كما قالوا تظنّيت وأصله الظن. وقد قالوا هو مأخوذ من قوله (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (١٠) يريد : متغيّر. فإن يكن كذلك فهو أيضا مما أبدلت نونه ياء. ونرى أن معناه مأخوذ من السنة ؛ أي لم تغيّره السنون. والله أعلم. حدّثنا محمد بن الجهم ، قال حدّثنا الفراء ، قال حدّثنى سفيان بن عيينة رفعه إلى زيد
__________________
(١) أي ساكنة.
(٢) آية ٩٢ سورة البقرة.
(٣) آية ٢٠ سورة الدخان.
(٤) آية ٢٢ سورة النمل.
(٥ ، ٦ ، ٩) زيادة من اللسان.
(٧) آية ٩٠ سورة الأنعام.
(٨) كذا فى الأصول. والمناسب : تفعلت.
(١٠) آية ٢٠ سورة الحجر.