فيحيا ، كما قال : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) (١) والمعنى ـ والله أعلم ـ فضرب البحر فانفلق.
وقوله : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ ...) (٧٣) تذكير (مِنْهُ) على وجهين ؛ إن شئت ذهبت به ـ يعنى (مِنْهُ) (٢) ـ إلى أن البعض حجر ، وذلك مذكر ، وإن شئت جعلت البعض جمعا فى المعنى فذكّرته بتذكير بعض ، كما تقول للنسوة : ضربنى بعضكنّ ، وإن شئت أنثته هاهنا بتأنيث المعنى كما قرأت القرّاء : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ) (٣) «ومن تقنت» بالياء والتاء ، على المعنى ، وهى فى قراءة أبىّ : «وإنّ من الحجارة لما يتفجّر منها الأنهار».
وقوله : (لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ ...) (٧٨) فالأمانىّ على وجهين فى المعنى ، ووجهين فى العربية ؛ فأما فى العربية فإنّ من العرب من يخفّف الياء فيقول : (إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ) ومنهم من يشدّد ، وهو أجود الوجهين. وكذلك ما كان مثل أمنيّة ، ومثل أضحيّة ، وأغنيّة ، ففى جمعه وجهان : التخفيف والتشديد ، وإنما تشدّد لأنك تريد الأفاعيل ، فتكون مشدّدة لاجتماع الياء من جمع (٤) الفعل والياء الأصلية. وإن خفّفت (٥) حذفت ياء الجمع فخففت الياء الأصلية ، وهو كما يقال : القراقير (٦) والقراقر ، (فمن قال الأمانى بالتخفيف) (٧) فهو الذي يقول القراقر ، ومن شدّد الأمانى فهو الذي يقول القراقير. والأمنيّة فى المعنى التلاوة ، كقول الله عزوجل : (إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) (٨) أي فى تلاوته ، والأمانىّ أيضا أن يفتعل
__________________
(١) آية ٦٣ سورة الشعراء.
(٢) يعنى «منه» ليست فى ج ، ش ، ويبدو أنها تفسير لعبارة المؤلف من المستملي.
(٣) آية ٣١ سورة الأحزاب. و «يقنت» حملا على لفظ «من» وبالتاء من فوق حملا على المعنى.
(٤) فى أ : «جميع» يريد الحادثة فى صيغة الأفاعيل.
(٥) فى ج ، ش : «وإذا خففت ...».
(٦) قراقير وقراقر جمع قرقور بالضم وهى السفينة العظيمة الطويلة.
(٧) فى أ : «فمن خفف الأمانى».
(٨) آية ٥٢ سورة الحج.