وقوله : (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ) (١٦)
المعنى ـ والله أعلم ـ : لأقعدن لهم على طريقهم أو فى طريقهم. وإلقاء الصفة (١) من هذا جائز ؛ كما قال : قعدت لك وجه الطريق ، وعلى وجه الطريق ؛ لأن الطريق صفة فى المعنى ، فاحتمل ما يحتمله اليوم والليلة والعام إذا قيل : آتيك غدا أو آتيك فى غد.
وقوله : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً) (٢٦)
«ورياشا» (٢). فإن شئت جعلت رياش جميعا واحده الريش ، وإن شئت جعلت الرياش مصدرا فى معنى الريش كما يقال لبس ولباس ؛ قال الشاعر (٣) :
فلما كشفن الّلبس عنه مسحنه |
|
بأطراف طفل زان غيلا موشما |
وقوله : (وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى) و «لباس (٤) التقوى» يرفع بقوله : ولباس التقوى خير ، ويجعل (ذلك) من نعته. وهى فى قراءة أبىّ وعبد الله جميعا : ولباس التقوى خير. وفى قراءتنا (ذلك خير) فنصب اللباس أحب إلىّ ؛ لأنه تابع الريش (٥) ، (ذلك خير) فرفع خير بذلك.
__________________
(١) يريد بها الكوفيون الظرف.
(٢) هذه القراءة نسبها أبو عبيد إلى الحسن. وفى القرطبي نسبتها إلى عاصم من رواية المفضل الضبي وإلى أبى عمرو من رواية الحسين الجعفي.
(٣) هو حميد بن ثور الهلالي. والبيت من ميمبته الطويلة. وهو يصف فرسا خدمته جوارى الحي. فقوله : كشفن أي الجواري. وقوله : عنه أي عن الفرس. ولبسه : ما عليه من الجل والسرج. وقوله بأطراف طفل أي بأطراف بنان ناعم. وقوله : غيلا يريد ساعدا أو معصما ممتلئا ، موشما أي مزينا بالوشم ، يريد بنان الجواري.
(٤) أي بالنصب. وهو قراءة نافع وابن عامر والكسائي. والضم قراءة الباقين.
(٥) كذا فى ش. وفى ج : «الرياش».