وقوله (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) فمن رفع جعل (كل) اسما فرفعه باللام فى لله كقوله (١) (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) (٢) ومن نصب (كله) جعله من نعت (٣) الأمر.
وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ ...) (١٥٦)
كان ينبغى فى العربية أن يقال : وقالوا لإخوانهم إذ ضربوا فى الأرض ؛ لأنه ماض ؛ كما تقول : ضربتك إذ قمت ، ولا تقول ضربتك إذا قمت. وذلك جائز ، والذي فى كتاب الله عربىّ حسن ؛ لأن القول وإن كان ماضيا فى اللفظ فهو فى معنى الاستقبال ؛ لأن (الذين) يذهب (٤) بها إلى معنى الجزاء من من وما. فأنت تقول للرجل : أحبب من أحبّك ، وأحبب كلّ رجل أحبّك ، فيكون (٥) الفعل ماضيا وهو يصلح للمستقبل ؛ إذ كان أصحابه غير موقّتين ، فلو وقّته لم يجز. من ذلك أن تقول : لأضربن هذا الذي ضربك إذ سلّمت عليك ، لأنك قد وقّته فسقط عنه مذهب الجزاء. وتقول : لا تضرب إلا الذي ضربك إذ سلمت عليه ، فتقول (إذا) لأنك لم توقته. وكذلك قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٦) فقال
__________________
(١) يريد أن رفع «كله» فى الآية على أنه مبتدأ خبره ما بعده يشبه ما فى الآية التالية ؛ إذ رفع (وجوههم) على أنه مبتدأ خبره (مسودة). ويصح فى العربية نصب (وجوههم) على أنه بدل من الموصول.
(٢) آية ٦٠ سورة الزمر.
(٣) يجعله البصريون توكيدا ، كما هو معروف.
(٤) يريد أن اسم الموصول إذا كانت صلته عامة أشبه الجزاء إذ كان يشترك فى الموصولية مع من وما : يأتيان موصولين كالذى ، ويكونان للجزاء ، والماضي فى حيز الجزاء للمستقبل ، فإذا جاءت إذ فى حيز الذي كان للاستقبال.
(٥) كذا فى ج. وفى ش : «فيقول».
(٦) آية ٢٥ سورة الحج.