وقوله : (يَعْلَمْهُ اللهُ ...) (٢٩)
جزم على الجزاء. (وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) رفع على الاستئناف ؛ كما قال الله فى سورة براءة (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ) (١) فجزم الأفاعيل ، ثم قال (وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) رفعا على الائتناف (٢). وكذلك قوله (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) (٣) ثم قال (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) ويمح فى نيّة رفع مستأنفة وإن لم تكن فيها واو ؛ حذفت منها الواو كما حذفت فى قوله (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (٤). وإذا عطفت على جواب الجزاء جاز الرفع والنصب والجزم. وأمّا قوله (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ) (٥) وتقرأ جزما على العطف ومسكّنة تشبه الجزم وهى فى نية رفع تدغم الراء من يغفر عند اللام ، والباء من يعذب عند الميم ؛ كما يقال (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) (٦) وكما قرأ الحسن (شَهْرُ رَمَضانَ) (٧).
وقوله : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً ...) (٣٠)
ما فى مذهب الذي. ولا يكون جزاء لأن (تجد) قد وقعت على ما.
وقوله (وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) فإنك تردّه أيضا على (ما) فتجعل (عملت) صلة لها فى مذهب رفع لقوله (تودّ لو أنّ بينها) ولو استأنفتها فلم توقع عليها (تجد) جاز الجزاء ؛ تجعل (عملت) مجزومة. (٨) ويقول فى تودّ : تودّ بالنصب وتودّ. ولو كان التضعيف
__________________
(١) آية ١٤ سورة التوبة.
(٢) يقال : ائتنف الشيء واستأنفه ، ومعناهما واحد.
(٣) آية ٢٤ سورة الشورى.
(٤) آية ١٨ سورة العلق.
(٥) آية ٢٨٤ سورة البقرة.
(٦) آية ١ سورة الماعون.
(٧) آية ١٨٥ سورة البقرة.
(٨) أي على أن ما جازمة يكون تودّ بالفتح ، حرك بذلك للتخلص من الساكنين ، وأوثر الفتح للخفة ، ويجوز الكسر على أصل التخلص. وهذا على لغة الإدغام ، ويجوز الفك فيقال : تودد ، كما هو معروف.