وقوله : (وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ ...) (١٠٤)
قال بعض المفسّرين : معنى ترجون : تخافون. ولم نجد معنى الخوف يكون رجاء إلا ومعه جحد. فإذا كان كذلك كان الخوف على جهة الرجاء والخوف ، وكان الرجاء كذلك ؛ كقوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) (١) : هذه : للذين لا يخافون أيام الله ، وكذلك قوله : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) (٢) : لا نحافون لله عظمة. وهى لغة حجازية. وقال الراجز :
لا ترتجى حين تلاقى الذائدا |
|
أسبعة لاقت معا أم واحدا (٣) |
وقال الهدلىّ (٤) :
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها |
|
وخالفها فى بيت نوب عوامل |
ولا يجوز : رجوتك وأنت تريد : خفتك ، ولا خفتك وأنت تريد رجوتك.
وقوله : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً) (١١٢)
يقال : كيف قال «به» وقد ذكر الخطيئة والإثم؟.
وذلك جائز أن يكنى عن الفعلين وأحدهما مؤنّث بالتذكير والتوحيد ، ولو كثر لجاز الكناية عنه بالتوحيد ؛ لأن الأفاعيل يقع عليها فعل واحد ، فلذلك جاز. فإن شئت ضممت الخطيئة والإثم فجعلته كالواحد. وإن شئت جعلت الهاء للإثم
__________________
(١) آية ١٤ سورة الجاثية.
(٢) آية ١٣ سورة نوح.
(٣) كأن هذا فى وصف إبل. والذائد وصف من ذاد الإبل إذا طردها وساقها ودفعها.
(٤) هو أبو ذؤيب. فقوله : لم يرج لسعها : أي لم يخفه ولم يباله. و «خالفها» أي دخل عليها وأخد عسلها مراغما لها وهى لا تشتهى ذلك. ويروى «حالفها» أي لازمها. والنوب. النحل ، و «عوامل» أي تعمل فى الأكل من الثمار والزهر. ويروى «عواسل» أي ذوات عسل.